ولذلك أخبرنا نبينا a أن
دور الدين الذي يتدارك الله به عباده عن طريق رسله وكلماته هو إعادة البشر إلى
الفطرة الأصلية التي فطروا عليها.. لقد قال الله تعالى يذكر ذلك :﴿
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ
عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ (الروم:30)
ففي الآية الكريمة إشارة إلى أن
الفطرة الأصلية مستعدة للخير استعدادا جبليا، وأن التغيير الطارئ عليها ليس ناشئا
من طبيعتها الخلقية، وإنما نشأ من مؤثرات خارجية اقتضاها التكليف.
وفطرة الإنسان في ذلك تشبه فطر
الأشياء المختلفة، فالله تعالى خلق الماء طاهراً مطهراً، فلو ترك على حالته التى
خلقه الله عليها ولم يخالطه ما يزيل طهارته لم يزل طاهراً، ولكنه بمخالطة المؤثرات
الخارجية من الأنجاس والأقذار تتغير أوصافه ويخرج عن الخلقة التى خلق عليها.
وقد بينت لنا كلمات الله التي أنزلها
على خاتم رسله هذه المؤثرات الخارجية لتفاديها، أو لإصلاح ما أفسدته هذه المؤثرات
من الفطرة الأصلة.
وأول هذه المؤثرات كما يخبر
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم هي المهد الذي ربي فيه الإنسان، كما قال a:(
كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه
كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تجدون بها من جدعاء؟)[1]