قال: في البداية كنت امرؤا ضمتني قبائل كثيرة من
القبائل البدائية.. كلها لم تكن تلقنني إلا الخرافة..
وكنت بحكم طبيعتي المستسلمة التي ذكرتها لكم أسمع وأطيع..
وفوق ذلك كله ومعه أتعذب.. فلم يكن للخرافة أن تنشئ في نفسك ولا في عقلك سلاما.
قلنا: حدثنا عن هذه الفترة من حياتك.
ابتسم، وقال: هي فترة أقرب إلى الجنون منها إلى العقل..
ماذا سأحدثكم عنها؟
قال ذلك، ثم غرق في صمت عميق قطعه بقوله: في البداية كنت
فردا من قبيلة متعددة الفروع كانت تستوطن أستراليا وأفريقية والأمريكتين وبعض
أقطار القارة الآسيوية وجزائرها[1].
وكنا نتخذ لأنفسنا في تلك القبائل حيوانا نجعله طوطما،
ونعتبره أبا لنا، أو نزعم أن أبانا الأعلي قد حل فيه، وقد يكون الطوطم في بعض
الحالات نباتا أو حجرا نقدسه كتقديس الأنصاب.
وكان في عرفنا أن القبيلة إذا اتخذت طوطما لها حرمت قتله
وأكله في أكثر الأحوال.. وحرمت الزواج بين الذكور والإناث الذين ينتمون إلي ذلك
الطوطم ولو من بعيد.. وقد يكون للقبيلة الكبري بطون متفرقة تتعدد طواطمها، ويجوز
الزواج بين المنتمين إليها، ولكنهم يحرمونه في الطوطم الكبير.
قلنا: فقد كانت لكم آلهة متعددة إذن؟
ابتسم، وقال: آلهة كثيرة جدا.. وكنا متشردين في وسطها لا
نرضي أحدها إلا بسخط
[1]
استفدنا الكثير من المعلومات التاريخية المرتبطة بهذا من كتاب (الله) لعباس محمود
العقاد.