في اليوم العاشر، قام رجل منا،
وقال: سأحدثكم اليوم أنا عن حديثي.. ربما كان هو أهم الأحاديث وأشرفها وأولاها
بإطالة الكلام فيه.. ولكني مع ذلك لن أطيل عليكم.. سأترك لكم الوقت الكافي.. وأترك
لنفسي كذلك الوقت الكافي لنستقبل فيه الموت الذي ينتظرنا في أي لحظة من لحظات هذا اليوم[1].
في البداية أذكر لكم أني امرؤ
عاش يحلم بالتعرف على المبدع العظيم الذي أبدع هذا الكون.. فلم يكن يرتاح لي بال،
ولا يهدأ لي خاطر إلا بالأحاديث عنه وفيه.
ولكني مع تلك الهمة كنت لا أقع
إلا في أيدي قطاع الطرق الذين يملأون عقلي بالأوهام والخرافات والصراع.
وكنت ضعيفا مستسلما أمامهم..
فلا أجد في قلبي ولا عقلي إلا ما ينقشونه بفؤوسهم ومعاولهم..
وكنت أتعذب لذلك كثيرا.. بل وصل
بي الأمر إلى ما وصل بكم من الإقدام على الانتحار.. ولولا أن قيض الله لي من النور
والسلام والصفاء من أنقذني لكنت الآن في عداد الموتى.. وقد شاء الله الذي لا راد
لمشيئته أن يكون سبب حياتي هو نفسه سبب موتي.. وأنا راض بذلك مستلم له.. ولكني مع
ذلك متألم لأن عقلي وقلبي لم يصل إلى مراده بعد.
الصراع
قلنا: حدثنا عن أول
شأنك.
[1]
اختصرنا الكلام في هذا الفصل، لأن هناك رسالة مطولة خاصة بهذا الموضوع هي رسالة
(الباحثون عن الله) من هذه السلسلة.