أسرعت إليهم.. وصحت فيهم بكل
قوة، لكنهم لم يأبهوا لي، ولم يصغوا لما أقول، بل إن أحد حرسهم أسرع إلي، ومن دون
أن أدري ما يحصل هوى إلى رأسي بمطرقته.. وقد كان يمكن أن يكون في ذلك حتفي لولا أن
الله أرسل إلي صاحبي مع إخوانه من أحباب الطبيعة، وأنقذوني من بين أيديهم.
بقيت مدة في بيت صاحبي لا أكاد
أفيق حتى تعود الآلام إلي من جديد.. وقد كان يزيد في ألمي تلك الأصوات المزعجة
التي نسمعها من تلك الشركات التي اجتمعت جميعا لتدمر الحياة في غابتنا ونهرنا.
بعد أن تماثلت للشفاء، وذات يوم
من الأيام رأيته يصلي على طريقة المسلمين في صلاتهم.. لم أكن أعرف حينها
المسلمين.. ولا الإسلام..
فلذلك أسرعت إليه أسأله عما
يفعل، فأجابني بأنه كان يصلي، وأخبرني أنه صار مسلما منذ فترة طويلة.. ولكنه كان
يكتم إيمانه.. فسألته عن سر تركه لدينه واختياره الإسلام، فقال لي: أنت تعلم أنني
لا أختلف عنك في حبك لما ملأ الله به هذه الأرض من خيرات.. وتعلم مدى حرصي عليها..
ولذلك اخترت الإسلام دينا أدين به.. لأني علمت أنه دين الله الذي اختاره الله
لعباده.
قلت: الأديان كثيرة.. هناك
الأديان الهندية.. والصينية.. وهناك المسيحية.. وهناك اليهودية.. وهناك الأديان
البدائية.. فلم اخترت الإسلام من بينها جميعا.
قال: لقد انطلقت من حبي
للكون.. ولما يسميه الناس الطبيعة.. وقلت لنفسي: لا يمكن أن يكون الدين الذي
يختاره الله لعباده إلا متوافقا مع هذه الطبيعة ومع هذا الكون.. فالدين الذي هو
أمر الله لا يمكن أن يتناقض أو يتصارع مع خلق الله.
وما إن وضعت هذا المقياس حتى
رحت أبحث في الأديان.. وفي كتبها المقدسة.. وبين