كنت مهتما بشرب دماء القتلى من
غير اهتمام بأعراقهم ولا دياناتهم.. كانت الدماء متشابهة بالنسبة لي.. فلم أكن
أميز بين يهودي وغير يهودي.
لكن الذي أعلمه أن عدد ضحايا
الحرب كان ما بين خمسة وثلاثين مليوناً وخمسين مليون، وأن الاتحاد السوفيتي خسر في
الحرب العالمية الثانية ما بين سبعة عشر وعشرين مليوناً بين مدنيين وعسكريين، وخسر
البولنديون نحو خمسة ملايين بعضهم من اليهود، وخسر الصينيون ما يزيد على عشرة
ملايين ماتوا جوعاً أو قتلاً على يد الاحتلال الياباني.
والذي أعمله كذلك.. وهو مما يخص
المنهج الذي ذكر به ذلك العدد الضخم.. هو أن أهم معسكرات الاعتقال.. هو معتقل
أوشفيتس.. والذي اشتهر بأن عدد ضحاياه هو أربعة ملايين، منهم مليون ونصف مليون
يهودي، والباقون غير يهود.. لم يكن له سند يمكن الوثوق به.
فالسند الأساسي لإبادة هذه الملايين
في أوشفيتس هي اعترافات رودولف هس أثناء محاكمات نورمبرج، وقد ثبت أن كثيراً من
أدلة الاتهامات في محاكمات نورمبرج هي في معظمها اعترافات يدين خلالها المتهمون
أنفسهم، بعد أن ظلوا في الأسر عامين أو يزيد تعرضوا فيها للتعذيب والامتهان.. وقد
استُبعد عدد كبير من الوثائق والشهادات التي كان من شأنها تحطيم الأساطير التي
حاول الحلفاء نسجها.. وهناك من البحوث ما يشير إلى أن العدد الإجمالي لا يمكن أن
يزيد على 1.6 مليون، وأنهم قضوا حتفهم لا من خلال أفران الغاز وإنما بسبب الجوع
والمرض، والموت أثناء التعذيب، والانتحار.. وفي عام 1994 تم تغيير اللافتة
الموضوعة على المعسكر، فبعد أن كانت اللافتة القديمة تتحدث عن مقتل أربعة ملايين
رجل وامرأة وطفل أصبحت اللافتة الجديدة تتحدث عن مليون ونصف فقط.
قال ذلك، ثم فجأة صار يضحك
ضحكات هستيرية، ثم قال: أتعلمون ما تختزنه خزائن المجرمين من أسلحة الإبادة؟