الأبد، فوجد الإمبراطور نفسه
مضطراً إلى استرضاء البابا، ولم يستطع أن ينتظر حتى يصل البابا إلى ألمانيا فسافر
إليه في (كانوسا)، وظل واقفاً في الثلج في فناء القلعة ثلاثة أيام في لباس الرهبان
متدثراً بالخيش حافي القدمين عاري الرأس حتى تعطف عليه البابا، ومنحه مغفرته!
وفي بريطانيا حصل نزاع بين
الملك (هنري الثاني) وبين (توماس بكت) رئيس أساقفة كنتربري بسبب دستور رسمه الملك
يقضي على كثير من الحصانات التي يتمتع بها رجال الدين، ثم إن رئيس الأساقفة اغتيل
فثارت المسيحية على هنري الثاني ثورة عنيفة، فاعتزل الملك في حجرته ثلاثة أيام
لايذوق فيها الطعام، ثم أصدر أمره بالقبض على القتلة، وأعلن للبابا براءته من
الجريمة وألغي الدستور، ورد إلى الكنيسة كل حقوقها وأملاكها ومع ذلك لم يحصل على
المغفرة حتى جاء إلى كنتربري حاجاً مظهراً ندمه، وسار الأميال الثلاثة الأخيرة من
الطريق على الحجر الصوان حافي القدمين حتى دميت قدماه، ثم استلقى على الأرض أمام
قبر رئيس الأساقفة المقتول وطلب من الرهبان أن يضربوه بالسياط، وتقبل ضرباتهم
وتحمل كل الإهانات في سبيل استرضاء البابا وأتباعه.
[1]
نسبة لمكيافيلي (Niccolò Machiavelli)، ولد في
فلورنسا 3 مايو 1469، وتُوفي في فلورنسا في 21 يونيو 1527، فيلسوف سياسي إيطالي
إبان عصر النهضة.. وقد أصبح مكيافيلي الشخصية الرئيسية والمؤسس للتنظير السياسي الواقعي،
والذي أصبحت فيما بعد عَصّبَ دراسات العلم السياسي. أشهر كتبه على الإطلاق، كتاب
الأمير، والذي كان عملاً هدف مكيافيلي منه أن كتيب تعليمات للحكام، نُشرَ الكتاب
بعد موته، وأيد فيه فكرة أن ماهو مفيدٌ فهو ضروري، والتي كان عبارة عن صورة مبكرة
للنفعية والواقعية السياسية.
وألف مكيافيلي العديد من (المطارحات) حول الحياة السياسية
في الجمهورية الرومانية، فلورنسا، وعدة ولايات، والتي من خلالها برع في شرح وجهات
نظر أخرى.