الخير فتكون لديه ممدوحا لأنه
خادمُ الله لك للخير فأما إن فعلتَ الشر فَخَفْ فإنه لم يتقلد السيف عبثا لأنه
خادمُ الله المنتقمُ الذى يُنْفِذ الغضب على من يفعل الشر، فلذلك يلزمكم الخضوع
لـه لا من أجل الغضب فقط بل من أجل الضمير أيضا، فإنكم لأجل هذا تُوفُون الجزية
أيضا، إذ هم خُدّام الله المواظبون على ذلك بعينه، أدُّوا لكلٍّ حقه : الجزية لمن
يريد الجزية، والجباية لمن يريد الجباية، والمهابة لمن لـه المهابة، والكرامة لمن
لـه الكرامة)
قال: ما تقوله صحيح من حيث
النظرية.. ولكن التطبيق كان مختلفا تماما.. لقد استطاعت الكنيسة بنفوذها أن تجعل
الملوك والأباطرة طوع إرادتها.. وأعلن البابا (نقولا الأول) (858-867م) بياناً قال
فيه : (إن ابن الله أنشأ الكنيسة بأن جعل الرسول بطرس أول رئيس لها، وإن أساقفة
روما ورثوا سلطات بطرس في تسلسل مستمر متصل (ولذلك) فإن البابا ممثل الله على ظهر
الأرض يجب أن تكون له السيادة العليا والسلطان الأعظم على جميع المسيحيين حكاماً
كانوا أو محكومين)
وأعلن البابا جريجوري السابع
الذي تولى البابوية من (1073-1085 م ) قائلا: (إن الكنيسة بوصفها نظاماً إلهياً
خليقة بأن تكون صاحبة السلطة العالمية، ومن حق البابا وواجبه أن يخلع الملوك غير
الصالحين، وأن يؤيد أو يرفض اختيار الحكام أو تنصيبهم حسب مقتضيات الأحوال)
التفت إلى صاحبنا، وقال: لم يكن
ذلك مجرد كلام.. لقد كان واقعاً عاشته أوروبا عدة قرون.. لعل أبرز ما يشير إلى تلك
الفترة ما حدث بين (جريجوري السابع) هذا والإمبراطور الألماني (هنري الرابع) إذ أن
خلافاً نشب بينهما حول مسألة (التعيينات) أو ما يسمى (التقليد العلماني)، فحاول
الإمبراطور أن يخلع البابا، ورد البابا بخلع الأمبراطور وأصدر قرار حرمان ضده، كما
أحل أتباعه وأمراء مملكته من ولائهم له وألبهم عليه، فعقد الأمراء مجمعاً قررو فيه
أنه إذا لم يحصل الإمبراطور على المغفرة لدى وصول البابا إلى ألمانيا فإنه سيفقد
عرشه إلى