وحتى منتصف القرن
الماضي، كان الكثير من المؤسسات والنوادي والمقاهي تضع يافطات كُتِبَ عليها بالخط
العريض (يمنع دخول الزنوج والكلاب).. وكان على الزنجي الأمريكي الوقوف من مقعده في
الحافلة إذا لم يكن من مقعد فارغ ليفسح المجال أمام جلوس نظيره (الأمريكي الأبيض)
وكثير من مؤسسات
الخدمات العامة في المقاطعات الجنوبية في الولايات المتحدة ومنها المطاعم كانت لا
تقدّم الوجبات إلى الزنوج إلا وهم واقفون، وجرت أول عملية جلوس قسري في عام 1960،
وكانت حصيلة ذلك الجلوس القسري إلقاء القبض على 53 زنجياً والحكم عليهم بالسجن مدة
أربعة أشهر في ولاية (نورث كارولينا)
وإلى جانب الاضطهاد
العنصري الذي كان يعيشه السكان السود في الولايات المتحدة، كان الظلم الاقتصادي
الأكثر بشاعة، ففي الستينات كان يعيش أكثر من عشرين مليون زنجي في بيوت سكنية
فقيرة قذرة مبينة من الصفيح والأخشاب في مدن الولايات المتحدة الشمالية هرباً من
ظلم التفرقة العنصرية في الجنوب، ففي هذه الأماكن كان الظلم الاقتصادي يترجم إلى
بطالة وفقر، كما كان يترجم إلى بحث مضن عن العمل، وعن أماكن صالحة للسكن، وجعلت
هذه الأسباب من الزنجي الأمريكي نوعاً من الطاعون المقيم في وسط المدن الكبرى لا
يستطيع الخروج منها والانتقال إلى مكان أكثر صحة وعافية.
وفي الوقت الذي كانت
الأمم المتحدة تصدر مواثيق حقوق الإنسان مركزة على مفاهيم أكثر رقيا للحرية
الفردية من مجرد حق العمل والمساواة والمعتقد، كان أصحاب البشرة السمراء في
الولايات المتحدة حتى عام 1955 لا يستطيعون الجلوس في الباصات العامة، وكانت
القوانين تقضي بعدم جلوس الزنوج في الباصات التي تقّل البيض.
وكانت قائمة المطالب
التي رفعها السود في عام 1955 في مدينة مونتغمري الجنوبية مجرد السماح لهم بالجلوس
في الباصات العامة ولو بالجلوس في المؤخرة، وأن يعاملوا