بل إن الاستعمار ـ وبدلاً من أن
يشعر بتأنيب الضمير ـ صار يشعر، بل يعتقد من خلال هذه النظرية أنه يقوم برسالة
حضارية عندما يزيل مواريث الأمم والبنى التحتية لها ومجتمعها المدني القائم بها
والحرف والصناعات الخاصة بها، ويعتبر نفسه أنه يمدنها.. حتى أن ماركس اعتبر غزو
فرنسا للجزائر من التمدن وإزالة الرجعية والتخلف وتحدث بنفس هذا المنطق عن الهند..
وفي الأخير.. وبعد معاناة
طويلة، وصراع مرير.. لم أجد في هذا الأستاذ ما كنت أحلم به عن الإنسان.. فرحت أبحث
عن أستاذ آخر.
الغرائزية:
قلنا: فأي أستاذ هذا الذي أنقذك
من داروين؟
قال: هو لم ينقذني من داروين،
وإنما أضاف إلى الركام الذي أنشأه داروين ركاما عجيبا جعلني أرى الحياة مرقصا
للاشعور يتلاعب به كما يشاء.
قال: أجل.. لقد كان فرويد هو
أستاذي الثالث الذي انحرف بي عن إنسانيتي انحرافا خطيرا، ظللت تحت أسره دهرا طويلا
من الزمان.
قلنا: فكيف تعرفت عليه؟
قال: لقد كان أول ما دلني عليه
اللاشعور نفسه.
قلنا: فقد آمنت بتأثير اللاشعور
قبل أن تراه؟
[1]
هو سيجموند فرويد (1856 - 1939م)، طبيب نمساوي، ولد في فريبرج، مورافيا ـ
بتشيكوسلوفكيا (السابقة) تخرج في كلية الطب، بجامعة فيينا عام 1881م. وفيما بعد
قرر التخصص في علم الأعصاب لدراسة وعلاج اضطرابات الجهاز العصبي.
كتب عدة أعمال
أهمها تفسير الأحلام (1900م)؛ مقدمة في التحليل النفسي (1920م). وتعتبر نظرياته في
السلوك والعقل ومنهجه في العلاج أساس علم النفس الحديث.