قال: لقد ترك
لنا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم من الوصايا
والإشارات ما يستطيع به كل عاقل مخلص أن يميز دين الله عن الدين الذي وضعه الشيطان
ليلبس به على عباد الله.
قلت: ولكن
ألا يمكن أن تتسرب الشياطين إلى تلك الوصايا والموازين فتنحرف بها، وتحولها إلى
سبل الشيطان؟
قال: لا..
يستحيل ذلك.. فتلك الوصايا من الوضوح والدقة ما لا يمكن للشياطين الوصول إليه..
وهي فوق ذلك محمية بالمحكم من القرآن، وبما تقتضيه الفطر السليمة.
قلت: فهلا
انتقلت من الإجمال إلى التفصيل.
قال: لقد
وردت الوصايا الكثيرة من رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
بأهل بيته الذين حددهم بدقة متناهية، واعتبرهم متمسكين بحبل الله، وأنهم لن يتركوه
أبدا، فقد ورد في الحديث المتواتر: (إنّي تركت فيكم ما إنْ تمسّكتم به لنْ تضلّوا بعدي : كتاب اللّه حبلٌ
ممدودٌ مِن السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولنْ يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض،
فانظروا كيف تخلفوني فيهما)[1]
قلت: ولكن
ألا يمكن أن يكون في هذا الحديث دعوة إلى الاهتمام بهم ومحبتهم دون اعتبارهم
أوصياء على الدين، أو حافظين للصراط المستقيم؟
قال: سأضرب
لك مثالا عن وصية من تلك الوصايا، وهو منقول بالتواتر، وأخبرني عن فهمك له، لقد
ورد في الحديث بعد عودته a من حجة الوداع،
ووصوله إلى مكان يسمى غدير خم قرب الجحفة جنوب المدينة.. هناك أمر الحجاج الذين
معه بالتوقف، وعددهم حوالي عشرة آلاف من الصحابة، وفيهم صفوتهم المهاجرون والأنصار
[1]
الحديث متواتر، وقد ورد بصيغ كثيرة رواه أحمد ومسلم والترمذي وغيرهم، وقد نص
الألباني على صحته انظر حديث رقم : 2458 في صحيح الجامع.