responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 331

قلت: ولكن الصراع يظل صراعا؟

قال: السلام لا يتحقق إلا بهذا النوع من الصراع.. ألا ترى العالم لا يتحقق له مراده من الكمال العلمي إلا ببذل الجهد، ومصارعة نزوات الهوى التي تدعوه إلى الركون إلى الراحة؟

قلت: بلى.. فلا يمكن لأحد أن يتمكن من شيء ما لم يبذل جهده فيه.

قال: ولذلك قال تعالى :﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ (البلد:4).. فالإنسان لابد أن يكبد في حياته ويتعب إلى أن يتحقق له مراده..

قلت: وعيت ما ذكرته.. فهلا حدثتني عن مطالب النفس الأمارة.. وعن كيفية قمعها.

قال: ذلك علم طويل.. والعلم لا يكفي وحده فيه.. بل لا بد معه من تربية ومجاهدة..

قلت: فهل تدلني على من أرى فيهم ما تتحدث عنه؟

ابتسم، وقال: أنا أستاذ مثلك.. ولذلك سأمر بك على بعض تلاميذي[1]، ولنحاول أن نختبرهم بما تشاء من أنواع الاختبار.. لترى كيف تحولت نفوسهم إلى نفوس طاهرة طيبة ممتلئة بالسلام الجميل.

قلت: يسرني ذلك.. لكن أخبرني من أنت حتى أعرف مع من أسير.. وتلاميذ من سألتقي.

قال: أنا المحاسبي[2].. أنا الرجل الذي تعامل مع نفسه كما يتعامل الغريم مع غريمه..


[1] ذكرنا في هذا المبحث الأسس التي تقوم عليها النظرة الإسلامية للتعامل مع النفس.. وهي خير رد على المذاهب الوجودية.. أما التفاصيل المرتبطة بهذا، فقد أفردنا لها فصولا في رسالتي (أسرار الإنسان) و(أسرار الحياة)

[2]أشير به إلى أبي عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي البصري، أحد علماء السلوك الكبار، سمي المحاسبي لأنه كان يحاسب نفسه. و هو أستاُذ أكثرِ البغداديين؛ و هو من أَهل البصرة. مات ببغداد سنة 243هـ.

روي من ورعه أنه كان إذا مد يده إلي الطعام فيه شبهة تحرك إصبعه عرق، فكان يمتنع منه.. وقال الجنيد: مربي يوماً، فرأيت فيه أثر الجوع، فقلت: (يا عم، ندخل الدار وتتناول شيئاً)، فقال: نعم، فدخلت الدار، وحملت إليه طعاماً، من عرس قوم؛ فأخذ لقمة وأدارها في فيه مراراً، ثم قام وألقاها في الدهليز وفر، فلما رأيته بعد أيام، قلن له في ذلك، فقال: إني كنت جائعاً أن أسرك بأكلي وأحفظ قلبك، ولكن بيني وبين الله علامة: ألا يسوغني طعاما فيه شبهة، فلم يمكنني ابتلاعه، فمن أين كان ذلك الطعام؟ فقلت: إنه حمل من دار قريب لي من العرس، ثم قلت له: تدخل اليوم، فقال: نعم، فقدمت اليه كسراً كانت لنا فأكل، وقال: إذا قدمت إلي فقير شيئاً فقدم مثل هذا.

من مؤلفاته: (الرعايةِ لحقوق الله)، و(مائية العقل وحقيقة معناه)، وغيرها.

ولا يخفى سر اختيارنا له في هذا الفصل.

نام کتاب : سلام للعالمين نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست