لست أدري كيف سرت قشعريرة لذيذة
إلى جسمي جميعا وأنا أسمع هذه الكلمات.. وقد غصت بعدها في غيبوبة عميقة.. ولم
أستفق إلا وأنا في بيت النور والسلام والطمأنينة والصفاء.
قلنا: فحدثنا عن حديثك معه.
السلام
امتلأ وجه صاحبنا بالسلام
الجميل، ثم قال: لقد كان أول ما سمعته من ذلك المسلم هو تحية السلام.. المنطلقة من
وجه ممتلئ بالسلام..وكان أول ما قال لي: لقد شاء الله أن يمد في عمرك لترى من
حقائق السلام ما حجبك عنه الصراع.
قلت: وما حقائق السلام؟.. وما
الحجب التي حالت بيني وبينها؟
قال: السلام هو الذي يملأ كيانك
كله بالطمأنينة والاستقرار، فتشعر بأن كل شيء في محله الذي يصلح له.. أو تشعر بأن
كل شيء هو في حالته التي خلقه الله عليها لم يغير ولم يبدل.
قلت: فما الحجب التي تحول بيني
وبين هذا السلام؟
قال: أول الحجب هو النفس..
قلت: ولكننا لا يمكن أن نعيش من
دون نفوسنا.. ألم يخلق الله لنا النفوس لنعيش بها؟
قال: لنعيش بها.. لا لنعيش
لها.
قلت: لم أفهم.
قال: فرق كبير بين أن تعيش
لتأكل، وبين أن تأكل لتعيش.
قلت: لقد قرأت هذا.. ولكني ضحكت
عليه، وسخرت منه، ورحت ألقن تلاميذي ما يخالفه.