متفكر فيه من دقائق آفات
الأعمال وخفايا عيوب النفس إن كان متفكراً فيها، أو مصالح المعيشة إن كان متفكرا
فيها. وإذا كان تقييد الهم بالأعمال وتفصيل الطاعات مانعاً عن انكشاف جليه الحق
فما ظنك فيمن صرف الهم إلى الشهوات الدنيوية ولذاتها وعلائقها فكيف لا يمنع عن
الكشف الحقيقي؟.
وأما الرابع، فالحجاب.. فإن
المطيع القاهر لشهواته المتجرد الفكر في حقيقة من الحقائق قد لا ينكشف له ذلك
لكونه محجوباً عنه باعتقاد سبق إليه منذ الصبا على سبيل التقليد والقبول بحسن
الظن، فإن ذلك يحول بينه وبين حقيقة الحق ويمنع من أن ينكشف في قلبه خلاف ما تلقفه
من ظاهر التقليد.. وهذا حجاب عظيم به حجب أكثر المتكلمين والمتعصبين للمذاهب، بل
أكثر الصالحين المتفكرين في ملكوت السموات والأرض لأنهم محجوبون باعتقادات تقليدية
جمدت في نفوسهم ورسخت في قلوبهم وصارت حجاباً بينهم وبين درك الحقيقة.
وأما الخامس، فالجهل بالجهة
التي يقع منها العثور على المطلوب، فإن طالب العلم ليس يمكنه أن يحصل العلم
بالمجهول إلا بالتذكر للعلوم التي تناسب مطلوبه حتى إذا تذكرها ورتبها في نفسه
ترتيباً مخصوصاً يعرفه العلماء بطرق الاعتبار، فعند ذلك يكون قد عثر على جهة
المطلوب فتنجلى حقيقة المطلوب لقلبه، فإن العلوم المطلوبة التي ليست فطرية لا
تقتنص إلا بشبكة العلوم الحاصلة، بل كل علم لا يحصل إلا من علمين سابقين يأتلفا
ويزدوجان على وجه الخصوص فيحصل من ازدواجهما علم ثالث.
التفت إلى التلميذ، وقال: هذه
هي الأسباب المانعة للقلوب من معرفة حقائق الأمور.. وإلا فكل قلب فهو بالفطرة صالح
لمعرفة الحقائق لأنه أمر رباني شريف فارق سائر جواهر العالم بهذه الخاصية والشرف.
^^^
في نهاية هذه القاعة وجدنا شرطة
تحمل بعض الناس إلى سجونها، فسألت المدرسي