قال: لن تلقى من الله إلا
المحبة.. فالله هو الودود الذي غمر الأكوان بوده.. ولذلك لا يعرض الله إلا على من
أعرض عنه.. ولا يبغض إلا من أبغضه أو أبغض التقرب إليه.
العقل:
قلت: عرفت الأول..
فحدثني عن الثاني..
قال: لقد رأيت في برية
الحب المدنس المجانين، وهم يهيلون على رؤوسهم التراب، ورأيت الأطفال، وهم يرمونهم
بالحجارة.
قلت: أجل.. لقد رأيت
ذلك.. وقد أصابني بعض ذلك.
قال: أتدري لم؟
قلت: لم أتعود البحث في
أسرار الحب.. كنت أكتفي بالتعجب.. أو كنت أكتفي بأن أصلى بناره دون أن أبحث عن
كيفية الخروج منه.
قال: لقد خلق الله لكل
لطيفة من لطائف الإنسان محلها الذي لا تكمل إلا به.. ولا تستقر إلا به.. ولا تسكن
إلا به.. فإن تحقق لها ذلك نعمت وسعدت وسلمت.. وإن لم يتحقق ثارت.. وقد يكون
الجنون ثورة من ثوراتها.
قلت: قرب لي هذا.
قال: لقد خلق الله
للمعدة طعاما هيأه لها في مطابخ القدرة يتناسب معها تناسبا تاما، فإن أقبلت عليه
سلمت، وإن أعرضت عنه إلى ما لا يصلح لها أصابها من الجنون ما يملأ صاحبها بالألم..
ومثل ذلك خلق للرئتين هواء معينا تتنفسه.. فإن أعرضت عنه إلى غيره أصابها صاحبها
من الضيق والألم ما قد يسلمه إلى الموت.
قلت: ما تقوله صحيح..
ولا يمكن لأحد أن يشك فيه.
قال: وهكذا عالم
اللطائف.. لقد خلق الله قلب الإنسان.. والذي هو محل المواجيد