الصراع
نظر إلى الأفق البعيد، وهو مشدوه، وراح يقول: في تلك الأيام التي ولدت فيها ببني عذرة لم أكن أسمع إلا أحاديث الحب.. كانت المجالس تردد كل حين:
هل العيش إلا أن تروح وتغتدي
وأنت بكأس العشق في الناس نشوان
وكان أساتذتنا الذين تربينا على أيديهم يحفظوننا قول الشاعر:
وما طابت الدنيا بغير محبة
وأي نعيم لامرئ غير عاشق
بل كانوا يقولون لمن رأوه مجادلا في هذا:
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى
فأنت وعير في الفلاة سواء
ويقولون له:
فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا
بل كان الأمر يصل أحيانا إلى سبه ببذيء الكلام، فيقولون:
فقم فاعتلف تبنا فأنت حمار
بل كانوا فوق ذلك كله يعتبرون الحب هو الدين الذي يغني عن كل دين، ولا يغني عنه أي دين، ويقولون في ذلك متغنين:
ما دنت بالحب إلا
والحب دين الكرام
ولذلك، فإن الأخلاق عندهم تنطلق من الحب، وقد قال في ذلك شاعرهم:
وما أحببتها فحشا ولكن
رأيت الحب أخلاق الكرام
وهم يعتبرونه مع ذلك الدنيا التي لا تغني عنها أي دنيا، ويقولون: