اتبعه حتى إذا قام على عتبة بابه، فقل:
أبي يدعوك، ففعلت ذلك، فلما قلت: أبي يدعوك، قال لاصحابه: (يا هؤلاء تعالوا) ثم
أخذ بيدي فشدها، ثم أقبل بأصحابه حتى إذا دنونا من بيتنا أرسل يدي فدخلت وأنا حزين
لكثرة من جاء به، فقلت: يا أبتاه، قد قلت لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم الذي قلت لي فدعا أصحابه، وقد جاء بهم،
فخرج أبو طلحة، فقال: يا رسول الله، إنما أرسلت أنسا يدعوك وحدك ولم يكن عندي ما
يشبع من أرى، فقال: رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
ادخل، فإن الله سيبارك فيما عندك، فدخلت فقال: (اجمعوا ما عندكم ثم قربوه) فقربنا
ما كان عندنا من خبز وتمر، فجعلناه على حصير فدعا فيه بالبركة، فقال: (يدخل علي
ثمانية) فأدخلت عليه ثمانية، فجعل كفه فوق الطعام، فقال: (كلوا وسموا الله عز وجل)
فأكلوا من بين أصابعه حتى شبعوا، ثم أمرني أن أدخل عليه ثمانية فما زال ذلك أمره
حتى دخل عليه ثمانون رجلا كلهم يأكل حتى يشبع، ثم دعاني وأمي وأبا طلحة، فقال: (كلوا)،
فأكلنا حتى شبعنا، ثم رفع يده، فقال: يا أم سليم، أين هذا من طعامك حين قدمتيه؟
فقالت: بأبي أنت وأمي، لولا أني رأيتهم يأكلون لقلت: ما نقص من طعامنا شئ[1].
ومن ذلك ما حدث به علي والبراء أن الله
تعالى لما أنزل:﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾
(الشعراء:214) جمع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بني
عبد المطلب، وهم يومئذ أربعون رجلا يأكلون المسنة، ويشربون العس، فأمر عليا أن
يصنع لهم طعاما، وأن يجعل عليه رجل شاة، فصنعها، ثم قربها إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فأخذ منها بضعة، فأكل منها، ثم تتبع
بها جوانب القصعة، ثم قال: (ادنوا باسم الله)، فدنا القوم فأكلوا عشرة عشرة،
فأكلوا حتى صدروا ما نرى إلا أثر أصابعهم، والله إن كان الرجل ليأكل مثل ما قدم
لجميعهم، ثم قال: (يا علي، اسق القوم) فجاءهم بذلك العس، فشرب منه ثم ناولهم، وقال:
(اشربوا باسم الله) فشربوا حتى رووا عن آخرهم، وأيم
[1] رواه مسلم (143 / 2040) والبيهقي في
الدلائل 1 / 963 وأبو نعيم في الدلائل 148 وانظر المجمع 8 / 306.