حتى دخل على الملك فقال: ما فعل أصحابك؟
فقال: كفانيهم الله.
ثم قال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل
ما آمرك به، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني، وإلا فإنك لا تستطيع قتلي. قال: وما
هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد ثم تصلبني على جذع، وتأخذ سهمًا من كنانتي ثم
قل: بسم الله رب الغلام، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني. ففعل، ووضع السهم في كبد قوسه
ثم رماه، وقال: باسم الله رب الغلام. فوقع السهم في صدغه، فوضع الغلام يده على
موضع السهم ومات، فقال الناس: آمنا برب الغلام. فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر؟
فقد والله نزل بك، قد آمن الناس كلهم.
فأمر بأفواه السكك فَخُدّت فيها
الأخاديد، وأضرمت فيها النيران، وقال: من رجع عن دينه فدعوه وإلا فأقحموه فيها.
قال: فكانوا يتعادون فيها ويتدافعون، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه، فكأنها تقاعست
أن تقع في النار، فقال الصبي: اصبري يا أماه، فإنك على الحق[1].
وسأذكر لكم بعض الأمثلة على من كفى الله
نبيه a شرهم، وهي مصدقا قوله
تعالى:﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ﴾ (الحجر:95)
فمنهم الأسود بن عبد يغوث، وهو ابن خال
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وقد كان يسخر من رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فيقول له إذا لقيه: أما كلمت اليوم من
السماء يا محمد.
وكان إذا رأى أصحابه قال: قد جاءكم ملوك
الأرض الذين يرثون ملك كسرى وقيصر، وما أشبه هذا القول[2].
فخرج من عند أهله، فأصابته السموم، فاسود
وجهه حتى صار حبشيا، فأتى أهله فلم