فلما خرجوا من عند رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال عامر لاربد: ويحك يا اربد، أين ما
كنت أمرتك به؟ قال: ما كان على ظهر الارض رجل أخوف عندي على نفسي منك، وأيم الله،
لا أخاف بعد اليوم أبدا، قال: لا أبا لك، لا تعجل علي، فوالله، ما هممت بالذي
أمرتني به مرة الا دخلت بيني وبين الرجل حتى ما أرى غيرك، أفأضربك بالسيف[1]؟
ومنها موقفه الشديد عند الهجرة.. وسأقصه
علكيم بطوله، فقد كان إخفاؤه a في
ذلك المحل آية بينة لا شك فيها.
فعن أ بي مصعب المكي قال: أدركت أنس بن
مالك، وزيد بن أرقم، والمغيرة بن شعبة يتحدثون أن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم ليلة الغار أمر شجرة[2]، فنبتت في وجه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فسترته، وبعث الله العنكبوت، فنسجت ما
بينهما، فسترت وجه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم،
وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقفتا في فم الغار.
وأقبل فتيان قريش من كل بطن بعصيهم
وهراويهم وسيوفهم، حتى إذا كانوا من النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم على أربعين ذراعا، جعل بعضهم ينظر في الغارـ فلم ير إلا
حمامتين وحشيتين بفم الغار، فرجع إلى أصحابه، فقالوا له: ما لك؟ قال: رأيت حمامتين
وحشيتين فعرفت أنه ليس فيه أحد، فسمع النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم ما قال، فعرف أن الله قد درأ عنه بهما،
فبارك عليهما النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم
وفرض جزاءهن وانحدرتا في الحرم فأفرخ ذلك الزوج كل شئ في الحرم. [3]
وفي حديث آخر عن ابن عباس أن المشركين
قصوا أثر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم،
فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم، فصعدوا الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسيج
العنكبوت، فمكث فيه ثلاثة
[1] رواه الطبراني وابن المنذر وابو نعيم عن
ابن عباس وابن جرير وابو الشيخ عن ابن زيد والبيهقي عن ابن اسحاق.
[2] وفي رواية عند قاسم بن
ثابت: أنبت الله شجرة الراءة.