تعجب الجمع من قوله هذا، فقال: الله قادر
على كل شيء، فلذلك قد يلقي الله تعالى سرابيل ستره على من يشاء من بعده لحمايته،
كما قال تعالى:﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ
خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾ (يّـس:9)
ومن هؤلاء محمد a.. فقد ألقى الله عليه في بعض مواضع
الحاجة هذه السرابيل حتى يحميه ويحفظه من أعدائه.
ومن المواقف التي حمى الله بنها نبيه
بهذا النوع من الجند، ما روي في عصمته a من
المخزوميين، فعن ابن عباس أن ناسا من بني مخزوم تواصوا بالنبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم ليقتلوه، منهم أبو جهل والوليد بن
المغيرة ونفر من بني مخزوم، فبينما النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم قائما يصلي فلما سمعوا قراءته فأرسلوا
إليه الوليد ليقتله، فانطلق حتى انتهى الى المكان الذي يصلي فيه، فجعل يسمع قراءته
ولا يراه، فرجع إليهم فأعلمهم بذلك، فأتاه من بعده أبو جهل والوليد ونفر منهم،
فلما انتهوا الى الصوت، فإذا الصوت من خلفهم، فينتهون إليه فيسمعونه أيضا من
خلفهم، ثم انصرفوا ولم يجدوا إليه سبيلا[1].
ومنها موقفه a مع زيد بن قيس وعامر بن الطفيل، كما ورد
في الحديث أن عامر بن الطفيل قدم على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وهو يريد أن يغدر به، فقال لاربد: انا
قدمنا على الرجل، فاني شاغل عنك وجهه، فإذا فعلت ذلك، فاعله بالسيف، قال: أفعل.
فلما قدما على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: أريدك يا محمد قم معي أكلمك، فقام
معه فخليا إلي جدارا ووقف عامر يكلمه، فقال: يا محمد خالني قال: (لا، حتى تؤمن
بالله وحده)، فلما أتى على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فقال: أما والله، لأملأنها عليك خيلا حمرا ورجالا.
فلما ولى قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (اللهم اكفني عامر بن الطفيل)
[1] رواه البيهقي، وروى ابن جرير نحوه عن
عكرمة ما يؤكد هذا.