فأنتم تلاحظون في فلسفة القرآن، وفى عرف
الناس جميعا، أن المعجزة سنة النبوة:﴿ لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ
مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ﴾(الأنعام: 124)
لذلك، فإن من يقول من المسلمين بأن (حكمة
الله أقتضت أن لا تكون الخوارق دعامة لنبوة محمد، و برهانا على صحة رسالته و صدق
دعوته) إنما يتتقدون حكمة القرآن فى ضرورة المعجزة للنبوة، و سنة الله فى أنبيائه.
عبد القادر: إن كل ما ذكرته صحيح.. ونحن
نتفق فيه جميعا.
بولس: فأنت معي في أن المعجزة شرط
للنبوة؟
عبد القادر: أجل.. لقد صرح القرآن بذلك،
ولذلك أمد الله أنبياءه بالبراهين الدالة على نبوتهم.
بل اعتبر بعض المتكلمين أن المعجزة هي
الدليل الأوحد على صدق النبوة، وقد عبر عن ذلك أحدهم، فقال: (لا دليل على صدق
النبى غير المعجزة، فإن قيل: هل فى المقدور نصب دليل على صدق النبى غير المعجزة؟
قلنا: ذلك غير ممكن! فإن ما يقدر دليلاعلى الصدق لا يخلو إما أن يكون معتادا، و
إما أن يكون خارقا للعادة: فإن كان معتادا يستوى فيه البر و الفاجر، فيستحيل كونه
دليلا، و إن كان خارقا للعادة يجوز تقدير وجوده ابتداء من فعل الله تعالى، فإذا لم
يكن بد من تعلقه بالدعوى، فهو المعجزة بعينها)[1]
بولس: لقد اتفقنا إذن.. فأنا وأنت كلانا
نتفق على أن المعجزة هي دليل النبوة.. وما دام الأمر كذلك، فمحمد ليس نبيا.