وقد كثرت الروايات المخبرة بذلك
حتى بلغت مبلغ التواتر، وسأنتقي لكم منها ما تقر به أعينكم، وتعلمون أن من يخبر
بمثل هذا يستحيل أن يكون كاذبا أو مدعيا:
الشر الخفي:
فمن ذلك إخباره a يما تستبطنه النفوس من نوازع الشر
الآثمة:
ومما روي في ذلك إخباره a من حدث نفسه بالفتك به a، فعن سلمة بن الأكوع أنه كان مع رسول
الله a إذ جاءه رجل فقال: من أنت؟ قال:
(أنا نبي)، قال: وما نبي؟ قال: (رسول الله)، قال: متى تقوم الساعة؟ قال: (غيب ولا
يعلم الغيب الا الله)، قال: أرني سيفك، فأعطاه النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم سيفه، فهزه الرجل، ثم رده عليه، فقال
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (أما انك لم تكن تستطيع ذلك
الذي أردت)، قال: وقد كان[1].
وفي رواية: ثم قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (إن هذا أقبل، فقال: آتيه، فاسأله ثم
آخذ السيف، فاقتله ثم أغمد السيف)[2]
ومن ذلك إخباره a من حدث نفسه بأنه ليس في القوم أحد خير
منه، فعن أنس قال: ذكروا رجلا عند النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم فذكروا قوته في الجهاد واجتهاده في العبادة، فإذا هم بالرجل مقبل،
فقال له رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (إني أرى على وجهه سفعة من
الشيطان)، فلما دنا سلم فقال له رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (هل حدثت نفسك بأنه ليس في القوم أحد خير منك؟) قال: نعم.
ثم ذهب فاختط مسجدا، ووقف يصلي
فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (من يقوم إليه فيقتله؟)، فقام
أبو بكر، فانطلق فوجده يصلي، فرجع، فقال: وجدته يصلي فهبت أن أقتله، فقال رسول
الله a: (أيكم يقوم إليه فيقتله؟)