علي: أولها الصيام [1].. فهو فضلا عن كونه ركنا من أركان الإسلام ركن من أركان الصحة، ولذلك فرض
الله تعالى الصيام ـ كما ينص القرآن الكريم ـ علينا وعلى جميع الأمم قبلنا، قال
تعالى:﴿ يَا أيهَا الَّذِينَ آمنوا كتِبَ عَلَيكم الصِّيَامُ كما كتب عَلَى
الَّذِينَ من قَبْلكمْ لعلكم تتقون﴾ (البقرة183)
كما أخبرنا تعالى أن الصيام ليس خيرا للأصحاء المقيمين فقط، بل هو خير أيضا
للمرضى والمسافرين والذين يستطيعون الصوم بمشقة ؛ ككبار السن ومن في حكمهم، قال
تعالى:﴿ أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى
سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ
طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة:184)
والخير اسم تفضيل وهو الحسن لذاته ولما يحقق من لذة أو نفع أو سعادة،
فالصيام حسن لذاته، ولما يحققه للمؤمن من المنافع واللذة الروحية والسعادة في
الدنيا والآخرة.
الطبيب: لقد نصحكم دينكم غاية النصح.. بل إن في اعتبار الصيام ركنا من أركان
الإسلام معجزة لا تضاهيها معجزة، فلم نر دينا من الأديان يهتم بالصحة بمثل هذا
القدر.
علي: حدثني بما وعدتني به من علاقات نصوص ديننا المقدسة بما ذكره العلم
الحديث.
الطبيب: لقد بدأ الاهتمام بعلاقة الصوم بالصحة في أوروبا منذ عصر النهضة،
فقد أخذ علماء هذه الفترة يطالبون الناس بالحد من الإفراط في تناول الطعام وترك
الانغماس في الملذات والشراب ويقترحون الصوم للتخفيف من الشهوات الجامحة.
وفي ألمانيا وجد الطبيب (فريدريك هوفمان) (1660-1842
م) أن الصوم، ويقصد به التجويع المتواصل، وهو ما يعرف بالصيام الطبي يعين على
معالجة داء الصرع والقرحة