ثم تبين بعد ذلك أن المريض المسكين لم يكن مصابا لا بجن، ولا بغير جن، وإنما
هي حالة نفسية كانت تستدعي لطفا في المعاملة، ورفعا للمعنويات أكثر مما تستدعي تلك
القسوة التي عامله بها الراقي الجاهل.
وكان يرى ما تنقله هذه الوسائل من انتشار الأوبئة بين المسلمين نتيجة
إهمالهم للنظافة ولأبسط قواعد الصحة والوقاية.
لقد تولدت من كل هذا قناعة لديه بأن الإسلام هو عبارة عن مجموعة خرافات لا
تؤذي العقول فقط، بل تؤذي معها الأجساد، فتملأها بالضعف والمرض.
لقد ذكر لي كل هذا.. ونحن في طريقنا في ذلك المساء إلى (مستشفى السلام) [1]، وهو المستشفى الذي طلب مني علي ـ عبر صديقه حذيفة ـ أن نزوره ذلك المساء
صحبة رفاقي من العلماء.
لقد بهرنا منظر المستشفى، لقد كان روضة غناء، كتب على بابه بحروف من نور
قوله تعالى:﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ (الشعراء:80)
في المدخل لاقانا علي.. لقد عرفته بمجرد أن رأيته.
قال لنا: هنا في هذا المستشفى الذي سميناه مستشفى السلام، ننطلق من تعلميات
الإسلام، ومن نصوصه المقدسة من القرآن والسنة..
لقد حاولنا أن يمثل هذا المستشفى الإسلام خير تمثيل..
ابتسم صاحبي الطبيب، وقال: أنتم إذن هنا تقتلون الجن، وتقيمون حفلات الزار،
وتسقون المرضى ما تبصقون فيه من الطعام، وما تنفخون فيه من الشراب.
ابتسم علي، وقال: هنا في هذا المستشفى نبين هدي الإسلام، ونقضي على الخرافات
[1] انظر تفاصيل
أقسام هذا المستشفى في (ابتسامة الأنين) من هذه السلسلة.