علي: فهذا ما عبر عنه القرآن الكريم بالخلافة.. وهذه هي حقيقة وظيفة
الإنسان.. فالإنسان مخلوق متفرد عن الكثير ممن حوله.. هذا ما نص عليه القرآن
الكريم في تلك الآيات التي كنت أقرؤها.. ولذلك سخر له الكون، ولذلك علم من علوم
الكون ما علم، لقد قال تعالى:﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ
وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (الاسراء:7.)، وقال:﴿
لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (التين:4)
ألكسيس: صدق قرآنكم في هذا.. هذه حقيقة علمية.. فالإنسان كائن فذ فى هذا
الكون.. إنه مخلوق غير مكرر فى جميع الخلائق التى عرفناها.. وتميز الإنسان بخصائص
لا توجد فى عالم الأحياء هو الذى جعل (جوليان هكسلى) فى (الداروينيه الحديثة)
يتراجع عن الكثير من (الداروينية القديمة)، التى قررها(داروين)
وهو لا يتراجع عنها إلا مضطراً أمام ضغط الحقائق الواقعية التى تحتم هذا
التراجع، إذ يعترف بأن الإنسان (حيوان خاص) وأنه له (خصائص) لم تلاحظ فى أى حيوان
آخر، وأن لهذه الخصائص آثاراً متفردة كذلك.
الطبيعة المزدوجة:
علي: لقد ذكر الله تعالى سر هذا التفرد الذي تمتع به الإنسان، فقال:﴿
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ
حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا
لَهُ سَاجِدِينَ (29)﴾(الحجر)
فالإنسان ـ بحسب هذه الآية الكريمة، وبحسب آيات أخرى كثيرة ـ حقيقتان: تراب،
وروح.. هو تراب من الأرض.. وروح من الملأ الأعلى.. وهذا هو سر جهلنا بالإنسان..
وهذا هو سر عدم إمكانية علم الإنسان بالإنسان.