وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ
لا يَعْلَمُونَ} (الروم:6)، ثم استدرك عليك وعلي وعلى ألكسيس وعلى تلك العقول
الكثيرة الحائرة، فقال:﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} (الروم:7)
فنحن ـ مع ما أوتينا من علوم كثيرة في جميع المجالات ـ لم نؤت إلا علوم
التسخير.. فكل علومنا من هذا النوع.. هي علوم تيسر لنا المأكل والمشرب والعافية
والحياة الرخية التي توفر لنا بعض التفرغ للعمل الذي انتدبنا له.
ألكسيس: ولكن كيف يعطينا الله علوم الأشياء، ثم يحرمنا من العلم بأنفسنا.
علي: لا.. بل هو أعطانا العلم بأنفسنا، قبل أن يعطينا العلم بالأشياء.
ألكسيس: أراك تقع في التناقض.. فهل قرآنكم هو الذي أوقعكم في هذا التناقض؟
علي: لم أقع في التناقض.. لقد نفيت علم الإنسان بنفسه، وهو ما أثبته الله،
ولكني لم أنف تعليم الله لنا حقيقة أنفسنا، وحقيقة وظيفتنا.. بل أعطانا الكثير من
المعارف عنا.. والتي لن تتمكن عقولنا البسيطة من معرفتها.
إن مثل ذلك مثل أجير استأجر على عمل.. فهل ترى صاحب العمل يقصر في تعريف
الأجير حقيقة وظيفته، ونوع أجره، ومدة عمله..
ألكسيس: لا.. بل سيشرح له ذلك بالتفصيل.
علي: فإذا صادفت العامل في عمله بعض العقبات مما يتعلق بشؤون العمل.. فهل
سيستدعي صاحب العمل ليفك له تلك العقبة.. أم يفكها بنفسه وخبرته؟
ألكسيس: ذلك يختلف.. فإن كان لتلك العقبة علاقة بصاحب العمل طلب الاستيضاح
منه، وأما إن لم تكن له علاقة بذلك اجتهد رأيه.