في اليوم السابع.. كان موضوع المحاضرات يتناول الإنسان في القرآن الكريم.
وخلافا للأيام السابقة، فقد لامست محاضرات هذا اليوم جوانب كثيرة قصرت فيها
في الأيام السابقة.. فقد ذكرت ما تناوله القرآن الكريم من معارف عن الإنسان لم
يوجد نظير لها في أي فلسفة من الفلسفات، ولا دين من الأديان.
وقد أثرت تلك المحاضرات الجادة في صاحبي الذي وجد نفسه يلقي محاضرة هزيلة عن
الإنسان بجانب تلك المحاضرات التي تحدثت عن الإنسان في القرآن.. مع أن محاضرته
حازت إعجاب الجميع بما امتلأت به من معلومات علمية دقيقة، وإحصائات ميدانية كثيرة.
لقد كان صاحبي في أصله طبيبا.. وكان مغرما بكتابات ألكسيس كاريل.. وخاصة
بكتابه المشهور (الإنسان ذلك المجهول).. وكان أصحابه يدعونه لذلك ألكسيس.. وكان
يحب هذه التسمية.. فلذلك كنت لا أناديه إلا بها.
في أول يوم التقيته فيه كان يحمل معه كتاب ألكسيس كاريل.. وكان يحمل معه
آلامه كذلك.
قال لي: لم يزدد ألكسيس في هذا الكتاب على أن ناح على الإنسان، وجعلنا ننوح
معه.
قلت له: لكنه مع ذلك حرك في أجيال كثيرة ضرورة الاهتمام بالإنسان.
قال لي: أحيانا أشعر أن الإنسان مثل ما نشتريه من الأجهزة والآلات يحتاج
دفترا خاصا يشرح محتوياته، ويبين أسراره، ويحل عقده، ويعالج مشاكله.
قلت له: نعم هو كذلك.. ونحن رجال الدين نعتقد أن الله أنزل لنا في كلماته
المقدسة تفاصيل الإنسان.. وتفاصيل التعامل مع أجهزة الإنسان.
ابتسم، وقال: نعم.. الدين في الأصل هو الذي يتولى هذا الجانب.. ولكني أرى
الكتاب المقدس أقصر من أن يستطع التعريف بالإنسان وبمكنونات الإنسان.