على أنه من مظاهر مجتمع النمل قيامه بمشروعات جماعية مثل إقامة الطرق
الطويلة في مثابرة وأناة، حيث تحرص مجموعاته المختلفة على الالتقاء في صعيد واحد
من آن لآخر، ولا تكتفي هذه المجموعات بالعمل نهاراً، بل تواصله ليلاً في الليالي
القمرية، مع لزوم مستعمراتها في الليالي المظلمة.
حذيفة: إن عالم النمل يستحق الاحترام حقا.
علي: ولذلك ورد النهي عن قتل النمل.. وقد
رأى النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم قرية نمل قد حرقت، فقال: من حرق هذه؟ قال الصحابة y: نحن، قال:(إنه لا
ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار)[1]
حذيفة: لقد ذكر الله كلام النملة.. فهل في العلوم التي توصل إليها البشر ما
يثبت هذا، أو يقترب منه؟
علي: أجل.. لقد أثبت العلماء أن النمل يتكلم بلغته الخاصة، ومما اكتشفه
العلم من لغة النمل ـ وهو ما يتفق مع لغات حيوانات أخرى ـ إصدار روائح معينة لها
دلالتها التي يفهمها سائر النمل.
ويتكلم نمل الشجر في المناطق الاستوائية بلغة عجيبة، إذ يصعد إلى الشجرة
ويدق دقات غير منتظمة، تقارب إشارات مورس التلغرافية، ويبلغ من قوتها أن تسمع من
بعيد[2].
[2] والعلم يقترب
أكثر لمحاولة تحليل لغة النمل، وقد حاولت إحدى المهتمات بالإعجاز العلمي في القرآن
الكريم بمحاولة مقابلة ما وصل إليه العلم من ذلك مع ما ورد في القرآن.
فوجدت أن العلم
الحديث توصل إلى أن أهم وسيلة لتواصل النمل في مواقف الخطر والإبلاغ على هدا الخطر
هي طريقة التواصل الكيماوية، حيث يصدر النمل أنواعا مختلفة من المواد.. كل مادة
تعبر عن شيفرة خاصة من الكلام، بحيث إذا تبعنا تسلسل إخراج هده المواد من النملة
التي بلغت عن الخطر سنجده بالضبط يوافق ما ذكرته النملة في سورة النمل.
فالمواد
الكيماوية التي تستخرجها النملة من جسمها في موقف كهذا تنقسم إلى أربع مواد
مختلفة، كل مادة تحمل معها لغة وشفرة معينة من الكلام.
فأول مادة
تصدرها النملة اذا شعرت بوجود الخطر هي مادةaldéhyde
l’hexanal وهي تعد بمثابة
صفارة إنذار، فالنمل عند استقباله لهذه المادة الأولى يقوم بالتمركز والانتباه
لاستقبال باقي الإشارات ،وهذا ما يطابق تماما أول عبارة نطقت بها النملة
بقولها:﴿ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ)(النمل: من الآية18)، فالياء هنا أداة
للتنبيه والنداء (يا أيها)
ثم تقوم النملة
بإصدار المادة الكيماوية الثانية وهي مادة l’hexanol،
وهنا النمل يجري في كل الاتجاهات لمعرفة مصدر الخبر، ولكي لا يتوجه
النمل بعيداً فيجب على النملة أن تحدد لهم الطريق الذي يسيرون فيه، وهذا ما فعلته
نملة سليمان u عندما قالت:﴿ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ)(النمل: من الآية18)،
وهذا توجيه من النملة لزملائها أن يذهبوا باتجاه المساكن، إذن هي حددت لهم الطريق،
وهذا ما يطابق توجيه حركة النمل.
والمادة
الثالثة الكيماوية التي تصدرها النملة هي مادة l’undécanone، وهذه المادة دورها توضيح سبب الخطر لباقي
النمل، وهو ما قامت به النملة في قولها في العبارة الثالثة:﴿لا
يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ)(النمل: من الآية18)، وفي هده المرحلة
التي يستقبل فيها النمل هذه المادة يدخل في استعداد لمواجهة هذا الخطر.
وفي المرحة
الرابعة النملة تصدر مادة كيماوية خاصة le
butylocténal توجه بها
باقي النمل على الدفاع وعلى نوع هدا الدفاع، ولهدا نجد النملة ذكرت في عبارتها
الأخيرة:﴿ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)(النمل: من الآية18)، وبهذا تكون النملة
قد منعت باقي النمل من الانتقال إلى مرحلة الهجوم التي تؤدي إلى الموت، ولذلك فقد
تبسم سليمان u وكأنه يطمئن هذه النملات أنه لا داعي للخوف لأنه يشعر بهم ويراهم
وهو رحيم بهم ولن يمسهم بأي أذى.
انظر: الدفاع
عن النفس عند النمل، وديعة عمراني، موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.