الكبيرة التي يمكث فيها الماء في الأرض دون أن يفسد أو يختلط ويتفاعل مع
صخور الأرض، ففي قوله:﴿ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ﴾ إشارة إلى أن
الماء يسكن في الأرض، ويقيم فترة طويلة من الزمن على الرغم من وجود الأحياء الدقيقة
والفطريات والأملاح والمعادن والمواد الملوثة تحت سطح الأرض، إلا أن الماء يبقى
نقياً وماكثاً لا يذهب.
علي: لقد تحدث القرآن الكريم عن منته على عباده بتخزين المياه وحفظها، فهو
يقول:﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ
مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾(الحجر: 22)
عالم المياه: صدق القرآن.. ما أدل هذه الكلمة على الحقيقة.. ﴿ وَمَا
أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴾.. فمن الذي أودع في الماء خصائص تجعله قابلاً
للتخزين في الأرض آلاف السنين؟ ومن الذي أعطى لقشرة الأرض ميزات تجعلها تحتضن هذه
الكميات الضخمة من المياه وتحتفظ بها غير مبدع الكون وخالقه.
علي: لقد تحدث القرآن عن الآلية التي يتم بها سكون الماء في الأرض، فقال:﴿
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ
فِي الْأَرْضِ﴾(الزمر: 21)
عالم المياه: هنا أيضا نلاحظ دقة القرآن العلمية، فكلمة (فَسَلَكَهُ) دقيقة
جداً من الناحية العلمية، فالماء الذي ينزل من السماء يسلك طرقاً معقدة داخل
الأرض، حتى إن العلماء اليوم يحاولون تقليد الاهتزازات التي يتعرض لها الماء خلال
رحلته في الأرض، وهذا السلوك للماء هو الذي يعطيه طعماً مستساغاً.
إن الماء عندما ينزل من السماء ويتسرب خلال تربة الأرض، ويمر في مسامات
التربة الأرضية وبين الصخور، تنحل فيه بعض المعادن والأملاح، وهي مفيدة للجسم غاية
الإفادة.
علي: لقد أشار القرآن الكريم إلى هذا أيضا في قوله تعالى:﴿
وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً} (المرسلات:27)،
فهذه الآية تربط بين الجبال الراواسي الشامخات أي ذات الارتفاع العالي، وبين الماء
الفرات.