الطبيعي إلا أنه يعود ويدافع عن وجهة نظره التي هي محض خيال واستمر في
الدفاع عن رأيه على الرغم من كونه هذراً وغير منطقي حيث يقول:(في النهاية يمكن
اعتبار أنّ الغرائز التي تجعل زغلول الحمام يطرد إخوانه غير الأشقاء من العش،
وتجعل مملكة النحل مقسمة إلى خدم وملكة ليست غرائز موهوبة أو مخلوقة بل تفاصيل حية
وصغيرة لدستور عام لعالم الأحياء، وهذه التفاصيل الصغيرة تتولى مهمة التكثير
والتغيير عبر انتقاء الأصلح من الأضعف. ولكن هذا الاعتبار لا يبدو لي منطقياً
ولكنه قريب إلى الأفكار التي تدور في مخيلتي)
هذه هي المقدمة الأولى.. وذاك ما يبين تهافتها، فما المقدمة الثانية؟
داروين: أنا لم أسلم لك بكل ما ذكرته في الرد على المقدمة الأولى.. ومع ذلك،
فالمقدمة الثانية هي أنا نرى أن السلوكيات المفيدة والمنتخبة عبر الانتخاب الطبيعي
يتم توارثها عبر الأجيال.
علي: هل حقا بقي من العلماء من يقول هذا.. إن أي عقل يعلم أن أي سلوك جديد
يكتسبه الحيوان عن طريق التجربة لا يمكن توريثه لجيل لاحق بأي حال من الأحوال، لأن
التجربة المكتسبة تخص ذاك الجيل وحده، ولا يمكن إدخال هذه التجربة السلوكية
الجديدة المكتسبة في البناء الجيني للحيوان إطلاقاً.
لأن المعروف علميا أن الجينات مسؤولة فقط عن بناء البروتينات حيث يتم بناؤها
أكثر من إفراز بعض الهرمونات لتتم السيطرة على سلوك الكائن الحي بصورة عامة.
فمثلا يكون الحيوان نشيطاً أو بالعكس خاملاً أو أن يكون الوليد أكثر
ارتباطاً بأمه، ولكن لا يوجد أي دليل يثبت توارث السلوك الخاص الذي يجعل الحيوان
يبني عشه بالترتيب والتزامن والانتظام المعروف.
ولو كان الأمر كذلك، فإذن ما هي الوحدات الوراثية المسؤولة عن عملية
التوريث؟ لأن هناك فرضيات تثبت وجودها، ولم يستطع أحد الإجابة عن هذا السؤال.