لفكرة تطور الغرائز بالانتخاب الطبيعي، ويعتبر باب الغرائز من أصعب
المواضيع التي احتواها كتاب (أصل الأنواع)
داروين: لداروين ولنجل داروين أن يقولا ما يشاءان.. ولكن النظرية لا تقتصر
عليهما.. نعم ربما تكون قد بدأت منهما، لكنها لم تنته عندهما.
بالإضافة إلى هذا، فإن لدينا الجواب على ما طرحته من تساؤلات، فنحن نعتقد أن
الحيوانات تكسب أنماطاً سلوكية عن طريق التجربة، ويتم انتقاء الأقوى بواسطة
الانتخاب الطبيعي، وفي مرحلة لاحقة يتم توارث هذه الأنماط السلوكية الناجحة عبر
الأجيال المتعاقبة.
ابتسم علي، وقال: كلامك هذا يحوي معنين.. ثانيهما يبنى على أولهما.. ففسر لي
أولهما، لأبين لك وجهة نظري حوله.
داروين: المقدمة الأولى التي تعتمد عليها نظريتنا لتفسير الغرائز هي ما
نسميه (الانتخاب الطبيعي).. إنه الحجر الأساس لنظرية التطور.
علي: فما تعنون بالانتخاب الطبيعي؟
داروين: هو يعني بكل بساطة اختيار أي تغيير مفيد وصالح للكائن الحي (قد يكون
هذا التغيير هيكلياً أو سلوكياً)، ثم اختيار ذلك الكائن الحي لتوريث ذلك التغيير
للأجيال اللاحقة.
علي: فأنت بقولك هذا تجعل الطبيعة هي المحك لتمييز المفيد من الضار، وأنها
القوة المؤثرة والعاقلة في الوجود.
داروين: أجل.. قولي يستلزم ما ذكرته.
علي: ولكن، أنت ترى أنه لا يوجد في الطبيعة من يميز بين الضار والمفيد كقوة
مؤثرة حيث لا يوجد بين الحيوانات أو غير الحيوانات ذاك الذي يملك قرار ذلك أو
القابلية على اتخاذ هذا القرار.
لقد اعترف داروين نفسه باستحالة اكتساب السلوكيات المفيدة عن طريق الانتخاب