داروين: لقد ذكرت لك أن هذا نفسه سيحتاج إلى أسئلة جديدة، بل أسئلة كثيرة.
أولها ستقول لي: لو كانت الكائنات الحية مبرمجة على أن تسلك هذا السلوك
المعين فمن الذي برمج هذا السلوك؟
أنا أعلم أنه لا يوجد أي برنامج مبرمج من تلقاء نفسه.. وأنه لا بد لكل
برنامج من مبرمج.
قلت: نعم.. كنت سأسألك هذه الأسئلة.. فما الإجابة التي أعددتها لها؟
داروين: لقد وفر أصحابنا العناء على أنفسهم.. فذكروا إجابة ربما ستستدعي منك
أسئلة أخرى.
قلت: فما قالوا؟
داروين: هم يقولون.. أو بالأحرى نحن نقول بأن الطبيعة الأم ـ التي تتشكل من
البحيرات والجبال والأشجار والظواهر المختلفة ـ لها القدرة على الخلق، إنها بديل
علمي منطقي عن الخالق..
قلت: إن الطبيعة كيان متعدد الأنواع.. فأي نوع منها لديه القدرة على إكساب
الحيوانات المختلفة أنماطها السلوكية المختلفة؟
داروين: كنت أعلم أنك ستسأل هذا السؤال.
قلت: لست أنا وحدي الذي يسأله.. بل عقلك أيضا يسأله، أنا أشعر أن عقلك يحتاج
إلى إجابة منطقية على هذا السؤال.
إن الطبيعة تتألف من الحجر والتراب والأشجار والنباتات..
من من هذه العناصر تكون له القدرة على إكساب الكائنات الحية هذا السلوك
المبرمج؟
أي جزء من الطبيعة لديه القدرة والعقل على فعل ذلك؟
هل ترى أنه يمكن للإنسان العاقل أن يقول، وهو يرى لوحة زيتية جميلة:(ما أحلى
الأصباغ التي رسمت هذه اللوحة)؟.. بلا شك فإن كلامه لن يكون منطقيا.