اغترفوا من بحار القرآن الكريم وحدها استطاعوا أن يتوصلوا إلى الكثير من
الحقائق التي غابت عن أهل عصورهم.
فكلهم متفقون على المعنى الواضح الصريح من القرآن الكريم، وهو أن من من
معاني دحو الأرض إخراج الماء والمرعي من داخلها، علي هيئة العيون وإنبات
النبات.
وهو معنى يتفق فيه مع العلم تماما، بل إن العلم الحديث المرتبط بهذا الجانب
هو خير تفسير لهذه الآيات، وسأحاول أن أبين لكم على ضوء علوم الأرض ما تدل عليه
هذه الآيات.
إخراج
الماء:
علي: أول ما تدل عليه بحسب ظاهر النص هو (إخراج كل ماء الأرض من جوفها)، كما
قال تعالى موضحا معنى الدحو:﴿ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا
﴾ (النازعـات:31)
أنتم تعلمون أن كوكب الأرض هو أغني كواكب مجموعتنا الشمسية في المياه،
ولذلك يطلق عليه اسم(الكوكب المائي) أو(الكوكب الأزرق) وتغطي المياه نحو71
بالمائة من مساحة الأرض، بينما تشغل اليابسة نحو29 بالمائة فقط من مساحة سطحها،
وتقدر كمية المياه علي سطح الأرض بنحو1360 مليون كيلومتر مكعب; وقد حار العلماء
منذ القدم في تفسير كيفية تجمع هذا الكم الهائل من المياه علي سطح الأرض، من أين
أتي؟ وكيف نشأ؟
وقد وضعت نظريات عديدة لتفسير نشأة الغلاف المائي للأرض:
تقترح إحداها نشأة ماء الأرض في المراحل الأولي من خلق الأرض، وذلك بتفاعل
كل من غازي الأيدروجين والأوكسجين في حالتهما الذرية في الغلاف الغازي المحيط
بالأرض.
وتقترح ثانية أن ماء الأرض أصله من جليد المذنبات.
ويدل لهاتين النظريتين الآيات التي تشير إلى أن أصل الماء من السماء كقوله
تعالى:﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً ﴾ (قّ: 9)،
فالله تعالى ذكر أنه أنزل من السماء الماء، وذكر مادة