إلتفت إليه، فرأيته واجما، وكأنه لم يع ما قلت، فقلت: ألست
ترى القوانين تغير كل حين، أو تبعث معها مذكرات تفسيرية تبين معانيها المرادة حتى
لا يتيه الناس في الجدل حولها.
قال: فأنت ترى حاجة الكتاب المقدس الدائمة للرعاية، ولو
ببعض التحويرات البسيطة التي لا تؤثر على معانيه السامية؟
قلت: أجل.. ذلك صحيح.. وذلك ما جئت أنا وأخي لأجله.
رأيت وجهه، وقد انطلق بابتسامة عريضة، مسحت ذلك الحزن الذي
كان يملأ وجهه، وقال: لقد أزحت عن كاهلي ثقلا عظيما كان ينوء به.. وكان يمنعني من
التصريح بما أريد أن أصارحك به.
قلت ـ وأنا لا أزال أتصور أنه يتحدث عما فعله أخي ـ: إن
الحوار يقرب المفاهيم كثيرا.. فلذلك لو لجأ الخلق إليه، لكفوا عن أنفسهم كثيرا من
أعباء الحروب التي تقتل السلام بينهم.
قال: صدقت.. وقد فتحت لي الباب على مصراعيه لأحدثك عما
ظللت طول عمري أفكر فيه.
تعجبت من قوله هذا، وقلت: طول عمرك!؟.. إن ما فعله أخي لم
يكن إلا هذا الأسبوع.. فكيف ظللت تفكر فيه طول عمرك؟
قال: وماذا فعل أخوك؟.. لم أسمع بهذا.
قلت: دعنا منه.. وحدثني عما تريد أن تصارحني به أنت.
قال: أخبرك أولا بأني مسيحي.. بل مسيحي متدين.. ولهذا،
فأنا أحرص الناس على هذا الكتاب.. على هذه الثروة الإلهية العظيمة.. ولكني مع ذلك
أشعر أن هذه الثروة تبتذل من بعض السفهاء، أو هم يسيئون فهمها، فلذلك رأيت أن نحذف
من الكتاب المقدس ما يؤدي إلى هذا.. ألم تخبرني بأن الكتاب المقدس قد وضع بين أيدي
أهل الله ليتصرفوا فيه وفق ما يتطلبه واقعهم.