الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ } إلى قوله:{ خَلْقًا آخَرَ }، فقال
معاذ:{ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }، فضحك رسول
الله a، فقال له معاذ: مم ضحكت
يا رسول الله؟ قال:( بها ختمت { فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }
ابتسم، وقال: هكذا يكون الكذب وإلا فلا.
قلت: وما أدراك أن هذه الرواية مكذوبة؟
قال: لأنه من الثابت تاريخيا بالإجماع أن زيدا بن ثابت
إنما كتب الوحي بالمدينة، وكذلك معاذ بن جبل إنما أسلم بالمدينة، لأنه كان من
سكانها، بينما هذه السورة نزلت بمكة.
ثم.. بعد هذا.. من الثابت أن محمدا كان إذا نزل عليه الوحى
يأخذ العرق يتصبب من جسده، ويكون فى غيبة عمن حوله، فإذا انقضى الوحى أخذ فى ذكر
وتلاوة ما نزل عليه من القرآن، وهذا ما تقرره كل كتب السيرة.
وهذا يدل على أن محمدا لا يبدأ فى الإملاء على كاتب وحيه
إلا بعد اكتمال نزول الوحى.
قلت: هناك شبهة أخرى.. وهي قديمة قدم القرآن.. ولعلها أول
ما ووجه به محمد من التحدي.
قال: عرفتها.. هي الشبهة التي أثارها في الجاهلية النضر بن
الحارث [1] وغيره من أهل الجاهلية، وأثارها في عصرنا المستشرقون
أمثال نورمان دانيال ومن نحا نحوهم، من أن محمد ما جاء بجديد في القرآن، وإنما أخذ
بعضاً من اليهودية، وبعضاً من النصرانية، وبعضاً من قصص الفرس ، فكون من هذا
الخليط كله القرآن.
قلت: أجل.. وهذه من الشبه الخطيرة التي لا يزال قومي
يتعلقون بها.
[1] وقد
نص على ذلك سعيد بن جُبَيْر، والسُّدِّيّ، وابن جُرَيج وغيرهم؛ وكان قد ذهب إلى
بلاد فارس، وتعلم من أخبار ملوكهم رُسْتم واسفنديار، ولما قدم وجد رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
قد بعثه الله، وهو يتلو على الناس القرآن، فكان إذا قام a
من مجلس، جلس فيه النضر فيحدثهم من أخبار أولئك، ثم يقول: بالله أيهما أحسن قصصا؟
أنا أو محمد؟