نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 624
قالت[345]: إن في القلب شعثاً لا يلمه إلا الإقبال على الله.. وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته.. وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته.. وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه.. وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضى بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى لقائه.. وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة منه أبداً.
قالت ذلك، ثم راحت تنشد بصوت عذب:
خَطَرَاتُ ذِكْرِكَ تَسْتَسِيغُ مَودَّتي
فَأُحِسُّ مِنْها في الفُؤادِ دَبِيبَا
لاَ عُضْو لِي إِلاَّ وَفِيهِ صَبَابةٌ
فَكأنَّ أَعْضَائِي خُلِقْنَ قُلُوبَا
غنى بهم حادي الأحبة في الدجى
فأطار منهم أنفسا وقلوبا
فأراد مقطوع الجناح بثينة
وهمو أرادوا الواحد المطلوبا
قلت: عهدي بمن هن مثلك في مثل سنك وجمالك الانشغال بحب آخر غير هذا الحب الذي تنشدينه؟
قالت: لقد كنت كذلك إلى أن رزقني الله زيارة بيته الحرام[346]، وبينما أنا أطوف في هزيع الليل المظلم سمعت صوت فتاة شابة تطوف بالبيت، وهي تقول:
أبى الحب أن يخفى وكم قد كتمته
فأصبح عندي قد أناخ وطنبا
إذا اشتد شوقي هام قلبي بذكره
وإن رمت قربا من حبيبي تقربا
ويبدوا فأفنى ثم أحيا به له
ويسعدني حتى ألذ وأطربا
فقلت لها: يا أختاه.. أما تتقين الله.. أفي مثل هذا المكان تتكلمين بمثل هذا الكلام؟