responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 601

 

ثم إن الإيمان قد بيّن بأسراره؛ أن عظامي ورميمها وتراب بداية خلقتي، ليسا عظاماً حقيرة فانية تداس تحت الأقدام، وإنما ذلك التراب باب للرحمة، وستار لسرادق الجنة.

ثم إن الإيمان أراني - بفضل أسرار القرآن الكريم - أن أحوال الدنيا وأوضاعها المنهارة في ظلمات العدم بنظر الغفلة، لا تتدحرج هكذا في غياهب العدم – كما ظنّ في بادىء الأمر – بل إنها نوع من رسائل ربانية ومكاتيب صمدانية، وصحائف نقوش للأسماء السبحانية قد أتّمت مهامها، وأفادت معانيها، وأخلفت عنها نتائجها في الوجود، فأعلمني الإيمان بذلك ماهية الدنيا علم اليقين.

ثم إن الإيمان قد أوضح لي بنور القرآن ان ذلك القبر الذي أحدق بي ناظراً ومنتظراً ليس هو بفوهة بئر، وانما هو باب لعالم النور. وأن ذلك الطريق المؤدي إلى الأبد ليس طريقاً ممتداً ومنتهياً بالظلمات والعدم، بل إنه سبيل سوي إلى عالم النور، وعالم الوجود وعالم السعادة الخالدة.. وهكذا أصبحت هذه الأحوال دواء لدائي، ومرهماً له، حيث قد بدت واضحة جلية فأقنعتني قناعة تامة.

ثم، ان الإيمان يمنح ذلك الجزء الضئيل من – الجزء الاختياري – الذي يملك كسباً جزئياً للغاية، وثيقة يستند بها إلى قدرة مطلقة، وينتسب بها إلى رحمة واسعة، ضد تلك الكثرة الكاثرة من الأعداء والظلمات المحيطة، بل إن الإيمان نفسه يكون وثيقة بيد الجزء الاختياري. ثم إن هذا الجزء الاختياري الذي هو السلاح الإنساني، وإن كان في حد ذاته ناقصاً عاجزاً قاصراً، إلاّ أنه اذا استعمل باسم الحق سبحانه، وبذل في سبيله، ولأجله، يمكن أن ينال به – بمقتضى الإيمان – جنة أبدية بسعة خمسمائة سنة. مَثَلُ المؤمن في ذلك مثل الجندي إذا استعمل قوته الجزئية باسم الدولة فإنه يسهل له أن يؤدي اعمالاً تفوق قوته الشخصية بألوف المرات.

وكما أن الإيمان يمنح الجزء الاختياري وثيقة، فإنه يسلب زمامه من قبضة الجسم الذي لا يستطيع النفوذ في الماضي ولا في المستقبل، ويسلمه الى القلب والروح، ولعدم انحصار

نام کتاب : الباحثون عن الله رواية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 601
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست