بهذه النظرة ينظر الصوفي
العرفاني إلى الآخر، ويتعامل معه، فهو حتى لو أنكر عليه يكل أمره إلى الله، فالله
هو الهادي وهو الديان.
ونحب فقط، لا من باب الجدل
والتنظير، وإنما من باب دفع الاستغراب أن نذكر حديثا يكاد يؤيد هذا، ولعله خير
تفسير لمراد الصوفية العرفانيين من ذكر هذه المعاني، ففي الحديث أن رسول الله a قال: (إن رجلا كان قبلكم رغسه (رزقه)
الله مالا، فقال لبنيه: لما حضر أي أب كنت لكم؟
قالوا: خير أب قال: (فإني لم أعمل خيرا قط، فإذا مت فاحرقوني، ثم اسحقوني، ثم
ذروني في ريح عاصف، ففعلوا، فجمعه الله فقال: ما حملك؟ فقال : مخافتك، فتلقاه
برحمته) [2]
فلو طبقنا مقاييس الجزاء
على هذا الرجل نجد أنه من أهل النار، فهو من جهة لم يعمل خيرا قط، وهو بذلك لا
يستحق الجنة، ثم هو فوق ذلك شك في قدرة الله، ومن شك في قدرة الله فكأنما اتهمه
بالعجز، وهو بذلك في عرف الفقهاء كافر مخلد في جهنم، ولكن الله مع ذلك رحمه.
وكأن هذا الحديث الشريف
ينبه إلى القضية التي ذكرها
[1] جلال الدين الرومي، قصص المثنوي، جمع: محمد المحمدي الاشتهاردي، بيروت: دار المحجة
البيضاء، ج1، ص97.
[2] محمد بن إسماعيل أبو
عبدالله البخاري، الجامع الصحيح المختصر، دار ابن كثير، اليمامة – بيروت، ط3، 1407،
ج3، ص1282.
نام کتاب : جوانب الخلاف بین جمعیة العلماء والطرق الصوفیة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 411