نام کتاب : جوانب الخلاف بین جمعیة العلماء والطرق الصوفیة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 353
(واعلم أن هذا العلم الذي ذكرنا ليس هو اللقلقة
باللسان، وإنما هو أذواق ووجدان، ولا يؤخذ من الأوراق وإنما يؤخذ من أهل الأذواق،
وليس ينال بالقيل والقال وإنما يؤخذ من خدمة الرجال وصحبة أهل الكمال، والله ما
أفلح من أفلح إلا بصحبة من أفلح)[1]
وحتى نقرب هذا المعنى نستشهد له بمثال يتعلق بمعارف
البشرية عن الكون قبل اختراع التلسكوب، وبعده، فقبل اختراع التلسكوب كانت المعارف
بسيطة محدودة، وأحيانا خاطئة، لكنه باختراع التلسكوب وغيره من الأجهزة المتطورة
تغيرت النظرة للكون، وتعمقت، وهكذا كلما زاد تطور الأجهزة كلما زادت صورة الكون
عمقا ودقة.
وهكذا الأمر بالنسبة للمقصود من العرفان العملي
وعلاقته بالعرفان النظري، فدور العرفان العملي هو تطوير الأجهزة الاستكشافية في الإنسان
للتوصل إلى الحقائق بدقة وعمق.
فالحقائق موجودة، ولكن الحوائل النفسية تحول بين
الإنسان والوصول إليها، ولهذا ذكر الغزالي عند حديثه عن علوم المكاشفات التي توصل
إليها بعد ممارسة العرفان العملي المتمثل في الخلوات وأنواع المجاهدات والرياضات،
كيف عرف الحقائق بصورتها الحقيقية بعد أن كانت مجرد ألفاظ وحروف، فقال: (علم
المكاشفة هو عبارة عن نور يظهر في القلب عند تطهيره