وهذا مما يتفق عليه
الصوفية جميعا من الناحية النظرية، وإن كانوا يختلفون في تطبيق ذلك على الواقع،
وقد ذكر الغزالي، وهو من
الداعين إلى عدم التعبير عنه الأسباب الداعية إلى ذلك، والتي حصرها في الأسباب
التالية[2]:
الأول: أن يكون
هذا العلم في نفسه دقيقا تكل أكثر الأفهام عن دركه، فيختص بدركه الخواص وعليهم أن
لا يفشوه إلى غير أهله، فيصير ذلك فتنة عليهم حيث تقصر أفهامهم عن الدرك.
وقد عبر عن ذلك الشيخ
ابن عليوة عند ذكره
لشروط الإمامة الروحية، فقال: (ومن شروط الكمال للإمام أن يتكلّم مع الحاضرين كلّ
حسب طاقته، وعلى ما تسعه حوصلته من قوّة وضعف لأنّ طعام الرجال يضرّ بالصبيان،
والحقائق ليست متعاطيّة بين الخلائق، وعليه أن يكتم ما أمره الله بكتمانه)[3]
وقد أورد الغزالي في باب
وظائف المعلم، أن من وظائفه (أن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه، فلا يلقى إليه ما لا
يبلغه عقله، فينفره أو يخبط عليه عقله اقتداء في ذلك بسيد البشر a حيث قال: (نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن
[1] ابن عليوة، المنح القدوسية في شرح المرشد المعين على الطريقة الصوفية، ص20.