نام کتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 183
وهكذا، بل
يذكر أبو حامد – كما يذكر
الصوفية جميعا – أن للشيخ المربي أن يستعمل أحيانا من الحيل ما يستطيع أن يهذب به
مريديه، فإذا كان المريد – مثلا – (لا يسخو
بترك الرعونة رأسا أو بترك صفة أخرى ولم يسمح بضدها.. فينبغي أن ينقله من الخلق
المذموم إلى خلق مذموم آخر أخف منه، كالذي يغسل الدم بالبول، ثم يغسل البول بالماء
إذا كان الماء لا يزيل الدم، كما يرغب الصبي في المكتب باللعب بالكرة والصولجان
وما أشبهه، ثم ينقل من اللعب إلى الزينة وفاخر الثياب، ثم ينقل من ذلك بالترغيب في
الرياسة وطلب الجاه، ثم ينقل من الجاه بالترغيب في الآخرة، فكذلك من لم تسمح نفسه
بترك الجاه دفعة، فلينقل إلى جاه أخف منه، وكذلك سائر الصفات وكذلك إذا رأى شره
الطعام غالبا عليه ألزمه الصوم وتقليل الطعام، ثم يكلفه أن يهيءالأطعمة اللذيذة
ويقدمها إلى غيره وهو لا يأكل منها حتى يقوى بذلك نفسه فيتعود الصبر وينكسر شرهه)[1]
وهكذا يذكر الشيخ أبو
حامد وهو الفقيه
الأصولي أن للشيخ أن يمنع بعض المباحات عن المريد أو يكلفه ببعض ما لم يوجبه الشرع
لتستقيم نفسه بذلك، ولعل ما ذكره القرآن الكريم من نهي طالوت لجنده من شرب الماء
مع توفره، بل مع كثرته إشارة إلى هذا، قال تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ
بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ
شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا
مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ } [البقرة: 249]، وذلك لأن الجندي الذي لا يطيق
أن يصبر على الماء لا يمكنه أن يصبر على مواجهة جالوت، وكم في النفس من (جالوت)
ولعله لأجل هذا يقوم
مشايخ الطرق الصوفية باختبار المريدين قبل قبولهم في الانضمام للتملذة عليهم، ومن
ذلك ما يرويه الشيخ ابن عجيبة عن قصة
تلمذة الششتري عند شيخه
ابن