نام کتاب : الاتجاهات الفكرية لجمعية العلماء والطرق الصوفية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 182
المريدين
ويعالج قلوب المسترشدين ينبغي أن لا يهجم عليهم بالرياضة والتكاليف في فن مخصوص
وفي طريق مخصوص ما لم يعرف أخلاقهم وأمراضهم، وكما أن الطبيب لو عالج جميع المرضى
بعلاج واحد قتل أكثرهم فكذلك الشيخ لو أشار على المريدين بنمط واحد من الرياضة
أهلكهم وأمات قلوبهم، بل ينبغي أن ينظر في مرض المريد وفي حاله وسنه ومزاجه وما
تحتمله بنيته من الرياضة، ويبني على ذلك رياضته) [1]
ثم ذكر نماذج عما
يمارسه الشيخ المربي الكامل مع تلاميذه ومريديه فإن (كان المريد مبتدئا جاهلا
بحدود الشرع، فيعلمه أولا الطهارة والصلاة وظواهر العبادات، وإن كان مشغولا بمال
حرام أو مقارفا لمعصية، فيأمره أولا بتركها، فإذا تزين ظاهره بالعبادات وطهر عن
المعاصي الظاهرة جوارحه نظر بقرائن الأحوال إلى باطنه ليتفطن لأخلاقه وأمراض قلبه،
فإن رأى معه مالا فاضلا عن قدر ضرورته أخذه منه وصرفه إلى الخيرات وفرغ قلبه منه
حتى لا يلتفت إليه، وإن رأى الرعونة والكبر وعزة النفس غالبة عليه فيأمره أن يخرج
إلى الأسواق للكدية والسؤال فإن عزة النفس والرياسة لا تنكسر إلا بالذل ولا ذل
أعظم من ذل السؤال فيكلفه المواظبة على ذلك مدة حتى ينكسر كبره وعز نفسه.. وإن رأى
الغالب عليه النظافة في البدن والثياب ورأى قلبه مائلا إلى ذلك فرحا به ملتفتا
إليه استخدمه في تعهد بيت الماء وتنظيفه وكنس المواضع القذرة وملازمة المطبخ
ومواضع الدخان حتى تتشوش عليه رعونته في النظافة، فإن الذين ينظفون ثيابهم
ويزينونها ويطلبون المرقعات النظيفة والسجادات الملونة لا فرق بينهم وبين العروس
التي تزين نفسها طول النهار، فلا فرق بين أن يعبد الإنسان نفسه أو يعبد صنما،
فمهما عبد غير الله تعالى فقد حجب عن الله ومن راعى في ثوبه شيئا سوى كونه حلالا
وطاهرا مراعاة يلتفت إليها قلبه فهو مشغول بنفسه)[2]