نام کتاب : جمعية العلماء المسلمين والطرق الصوفية و تاريخ العلاقة بينهما نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 152
ولعله يشير بهذا الرأي إلى المدرسة السلفية التنويرية وإلى كثير من الحركات الإسلامية التي تبنت منهجها، وقد ذكر الإبراهيمي أن (هذا رأي له قيمته وخطره، وكان كَاتِبُ هذه الأسطر من أصحاب هذه الفكرة في ذلك الوقت)
وأما الثاني، فهو رأي استئصالي هجومي ينطلق من (أخذ المبطلين مغافصة والهجوم عليهم وهم غارّون، واسماع العامة المغرورة صوت الحق فصيحًا غير مجمجم)[221]، وهذا الرأي هو الذي تبناه -كما سنرى بتفصيل - التوجه السلفي المحافظ الذي أحياه الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وقد انتصر الإبراهيمي لهذا الرأي الثاني باعتبار أن تلك (البدع والمنكرات التي يريد الإصلاح أن يكون حربًا عليها هي أمور قد طال عليها الأمد، وشاب عليها الوالد، وشبَّ عليها الولد وهي بعد شديدة الاتصال بمصالح ألفها الرؤساء حتى اعتبروها حقوقًا لهم، وأنس بها العامة حتى اعتقدوها فروضًا عليهم، فلا مطمع في زوالها إلّا بصيحة مخيفة، تزلزل أركانها، ورجة عنيفة تصدع بنيانها واعصار شديد يكشف الستر عن هذا الشيء الملفف، والسر الذي يأبى أن يتكشف، ليتبينه الناس على حقيقته، وأقل ما يكون من التأثير لهذا العمل أن تضعف هيبته في نفوسهم وتضؤل رهبته في صدورهم، وهنالك يسهل العمل في نقضه، وتخف المئونة في هدمه)[222]
ثم ذكر ما قام به مع ابن باديس لتحقيق هذا الرأي الثاني، فقال: (وقد رجح الرأي الثاني لمقتضيات لله من ورائها حكمة، فأنشئت جريدة (المنتقد) بقسنطينة لهذا الغرض، وكان اسمها نذيرًا بالشر لأهل الضلال فإنه مُتَحَدِّ لما نهوا عنه، وهاتك لحرمة ما شرعوه في كلمتهم التي حذروا بها العامة وهي قولهم: (اعتقد ولا تنتقد)، وانبرت للكتابة في (المنتقد) أقلام