نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 49
الغلظة والخشونة والرهبة [1]، وقد امتدت واجبات المحتسب لتشمل مساعدة الفقراء وإنشاء الملاجئ للضعفاء
والمحتاجين، بالإضافة إلى منع المنكر الظاهر كتعاطي المسكرات والتجسس والغيبة وترك
الصلاة والفطر في رمضان.
وللمحتسب الإشراف على أهل الحرف والتجار ليراقب التقصير والخيانة، وكذلك أصحاب
الحرف كالأطباء والمعلمين ومنع أئمة المساجد من إطالة الصلاة، ويمنع والي الحسبة وضع
المقاعد في الأسواق على نحو يضر بالمارة[2].
بل إن للمحتسب أحيانا التدخل في التصرفات الشخصية البحتة والاستعانة بالقضاء
لتنفيذ الأحكام الصالحة لذلك، ويضرب الغزالي مثالا على ذلك بمن لا يملك إلا مائة دينار
وله عيال ولا منفق عليهم سواه، ومع ذلك يبالغ بالإنفاق في الولائم وغيرها، فإن للمحتسب
منعه، وللقاضي الحجر عليه[3].
وهنا نرى مدى التكامل القائم بين السلطتين الشرعيتين: سلطة الحسبة، وسلطة
القضاء، وهو ما يمنح المصلح سندا ماديا، زيادة على السند المعنوي المتمثل في الأجر
الأخروي الذي يحتسبه عند الله، والاحترام الذي يلقاه في المجتمع الإسلامي لشخصه ولوظيفته.
والغزالي يمنح هذه السلطة لكل من توفرت
فيه الأهلية حتى ولو لم يكن معينا من طرف الولاة [4]، كما سنرى عند الحديث عن شروط القائم بالإصلاح.