نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 40
كالوعظ والترغيب والترهيب والقصص ونحوها،
والغزالي يعتبر كل ذلك من الجهد الإصلاحي، ولكنه يشتد على القصاصين الذين اتخذوا القص
في النوادي والمساجد حرفة، ويعتبره بدعة.
ويستدل لذلك بما ورد من نهي السلف عن الجلوس إلى القصاصين، وينقل في ذلك عن
(الأعمش)[1] أنه دخل جامع البصرة، فرأى قاصا يقول: حدثنا الأعمش، فتوسط الحلقة وجعل ينتف
شعر إبطه، فقال القاص:يا شيخ، ألا تستح؟فقال: لم؟ أنا في سنة، وأنت في كذب، أنا الأعمش
وما حدثتك[2].
ويعلل النهي عن ذلك بأن من القصص ما ينفع سماعه، ومنها ما يضر وإن كان صدقا،
ومن فتح هذا الباب على نفسه اختلط عليه الصدق بالكذب والنافع بالضار، ولذلك لا يرى
بأسا إن كان القاص صادقا صحيح الرواية مبتعدا عن الحكايات التي تومئ إلى هفوات أو مساهلات
يقصر فهم العوام عن إدراكها، فإن العامي يتمسك بذلك في مساهلاته وهفواته، ويمهد لنفسه
عذرا فيه، ويحتج بأنه حكي فيه كذا وكذا.
ويذكر الغزالي بأن من الناس من يستجيز وضع الحكايات المرغبة في الطاعات، ويزعم
أن قصده منها دعوة الخلق إلى الحق، وذلك من نزغات الشيطان، فإن في الصدق مندوحة عن
الكذب، وفيما ذكر الله تعالى ورسوله a غنية عن الاختراع في الوعظ[3].
وكذلك الأمر بالنسبة للوعاظ، فالغزالي
ينفي عن معظم وعاظ زمانه وصف الإصلاح، باعتبارهم عدلوا عن الأسلوب الأمثل في الوعظ،
فاشتغلوا
[1] هو
أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي ، من علماء التابعين، حافظ ثقة، توفي سنة 148ه
انظر: الذهبي، تذكرة الحفاظ، بيروت: دار الكتب العلمية 1/154.