نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 238
ينزل منزلة القرابة، فإذا انعقدت تأكد
الحق، ووجب الوفاء بموجب العقد، ومن الوفاء أن لايهمل أخاه أيام حاجته وفقره، وفقر
الدين أخطر من فقر المال[1].
زيادة على ذلك يؤكد الغزالي معنى إصلاحيا للتسامح، هو أن الفاجر إذا صحب تقيا،
وهو ينظر إلى خوفه ومداومته، فإن ذلك يؤثر فيه، ويستحيي من الإصرار [2]، فلذا لا ينبغي أن يحجر على مخالطة الفسقة في رأي الغزالي، والتفريق بين
المؤمنين بسبب ذلك، بل يخالط تقيهم فاجرهم، ويتلطف لإصلاحه بما أطاق [3].
والغزالي ينقل –هنا – الخلاف الواقع بين السلف في ذلك، فقد ذهب أبو ذر إلى أن الإنقطاع
عنه أولى، وقال في ذلك:(إذا انقلب أخوك عما كان عليه فأبغضه من حيث أحببته) [4]، وذهب أبو الدرداء إلى خلافه، قال أبو الدرداء: (إذا تغير أخوك، وحال عما
كان عليه، فلا تدعه لأجل ذلك، فإن أخاك يعوج مرة، ويستقيم أخرى)[5]
والغزالي ينتصر للرأي الثاني ويقويه
بالآثار الكثيرة الدالة على ذلك، أما البغض الذي أمرنا الشرع به فيتعلق بأعمال العاصي
لابذاته، ولذلك قال تعالى: ﴿ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا
تَعْمَلُونَ﴾ (الشعراء:213)، قال الغزالي: (ولم يقل: إني بريء منكم، مراعاة
لحق
[3] يفرق الغزالي في المخالطة بين تقي تغير حاله، فينصح بالدوام على
مخالطته والتلطف بنصحه، وبين الفاسق ابتداء المصر على ذلك المجاهر به فيرى أن
الإنقطاع عنه أولى (لأن مشاهدة الفسق والفساق تهون أمر المعصية على القلب، وتبطل
نفرة القلب عنها)، انظر: الغزالي، الإحياء، ج2، ص172.