نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 162
ومن نفي أحدهما ثبوت الآخر بشرط أن تكون
القسمة منحصرة، لا منتشرة) [1]
ويمثل له من القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ
مُبِينٍ ﴾ (سبأ:24)، ووجه الاستدلال
به هو: إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين، ومعلوم أننا لسنا في ضلال، والنتيجة
هي:أنتم ضالون[2].
هذه هي الموازين التي دعا الغزالي إلى استعمالها، واستنباط العلوم بواسطتها،
وهي ـ كما ذكرنا ـ نفس المقاييس المنطقية، والغزالي يقر بذلك، ولا يرى بأسا به، يقول
في (القسطاس المستقيم) بعدما سأله رفيق التعليم عن تلك الموازين: (أما هذه الأسامي
فأنا ابتدعتها، وما عندي أني سبقت إلى استخراجها من القرآن؛ وأما أصل الموازين فقد
سبقت إلى استخراجها، ولها عند مستخرجيها من المتأخرين أسام سوى ما ذكرتها، وعند بعض
الأمم الخالية السابقة على بعثة محمد وعيسى ـ صلوات الله عليهما ـ أسام أخر كانوا قد
تعلموها من صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام)[3]
وميزة الغزالي ـ هنا ـ تطبيقه بالنسبة لعلم المنطق ما دعا إليه دوما من ضرورة
الرجوع إلى القرآن الكريم واستنباط جميع العلوم منه، ولا بأس من الاستفادة خلال ذلك
من تراث الأمم الأخرى وثقافاتها ما دامت لا تصادم العقل الخارجي الذي هو الشرع، ولا
العقل الداخلي الذي هو موازين الحق المودعة في فطرة الإنسان، وسنرى ذلك في المطلب التالي.