نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 148
إدراك من الإدراكات، ويحرم منه آخرون
حتى لا تتميز عندهم الألحان الموزونة من المزحفة[1]، ثم كيف عظمت قوة الذوق عند آخرين حتى استخرجوا منها الموسيقى والأغاني[2].
وما دام أمر جواز وقوعه أو عدمه غير خاضع للعقل، فإن الغزالي يستشهد بالنصوص
الشرعية والحكايات الكثيرة الدالة على جواز ذلك ـ باعتبارها أدلة سمعية معتدا بها ـ
كقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا
لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ (العنكبوت:69)
يقول الغزالي ـ معقبا على الآية الكريمة ـ: (فكل حكمة تظهر من القلب بالمواظبة
على العبادة من غير تعلم، فهو بطريق الكشف والإلهام) [3]
والأحاديث في ذلك كثيرة، وأما الحكايات الواردة عن الصحابة والتابعين ومن
بعدهم، فلا تعد ولا تحصى، وقد ذكر الغزالي بعضها، وهي بمجموعها تفيد جواز الوقوع.
زيادة على هذه الأدلة العقلية والنقلية السابقة يستدل الغزالي بـ (عجائب الرؤيا
الصادقة، فإنه ينكشف بها الغيب، فإذا جاز بها ذلك في النوم، فلا يستحيل أيضا في اليقظة،
فلم يفارق النوم اليقظة إلا في ركود الحواس وعدم انشغالها بالمحسوسات)[4]
وهو يستدل بذلك على وجود منفذين للمعرفة:
منفذ من الخارج، وهو الحواس ومنفذ إلى العالم الغيبي من داخل القلب وهو الإلهام والنفث
في الروع والوحي.
[1] هي
الأوزان الموصوفة بالزحاف، وهو التغير في الأجزاء الثمانية من البيت إذا كان في
الصدر أو في الإبتداء، أو في الحشو، انظر: الجرجاني، التعريفات ص127 رقم 856.