نام کتاب : الإصلاح الاجتماعي عند أبي حامد الغزالي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 138
و يسمي السلوك العام بـ (علم المعاملة)،
وهو العلم المكمل لعلم الفقه باعتبار الفقه ـ كما أصطلح عليه المتأخر ون [1] ـ متعلق بظواهر الأعمال دون بواطنها وحقائقها، وهو يعتب على الفقهاء قصرهم
الفقه على تلك الجوانب دون مراعاة مقاصده وحقائقه،يقول في ذلك: (ولو سئل فقيه عن معنى
هذه المعاني حتى عن الإخلاص مثلا، أو عن التوكل، أو عن وجه الاحتراز عن الرياء لتوقف
فيه مع أنه فرض عينه الذي في إهماله هلاكه في الآخرة، ولو سألته عن اللعان والظهار
والسبق والرمي لسرد عليك مجلدات من التفريعات الدقيقة التي تنقضي الدهور ولا يحتاج
إلى شئ منها)[2]
وهو يضرب مثلا على حاجة الفقه إلى هذا العلم التكميلي الفرضي كفرضية الأحكام
الفقهية نفسها بالأركان الشرعية التي يقوم عليها بناء الدين، فالفقيه يفتي بصحة الصلاة
إذا أتي بصورة الأعمال مع ظاهر الشروط وإن كان المصلي غافلا في جميع صلاته من أولها
إلى آخرها، مع أن هذه الصلاة لا تنفع صاحبها تزكية في الدنيا ولا أجرا في الآخرة (أما الخشوع وإحضار القلب الذي هو عمل الآخرة، وبه ينفع
العمل الظاهر فلا يتعرض له الفقيه، ولو تعرض له لكان خارجا عن فنه)[3]
وقد بلغ تحكم الظواهر بالفقهاء إلى درجة
التلاعب بالأحكام الشرعية والاحتيال عليها لتحليل الحرام أو تحريم الحلال أو التنصل
من الواجبات[4]، وقد نقل الغزالي من ذلك
[1]
اصطلح المتأخرون على تعريف الفقه بأنه (العلم بالأحكام الشرعية العلمية المكتسب
منه الأدلة التفصيلية)، فهو مختص في الأحكام العملية فقط في الحين الذي عرفه أبو
حنيفة بانه (معرفة النفس ما لهما وما عليها)، وقد أخذ عليه بأنه تعريف عام، ولكن
مع ذلك كان هو الفقه المعروف في عصره، انظر: د.وهبة الزحيلي، أصول الفقه الإسلامي
1/19.