نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 212
التنويريون.. والصيام
من العبادات
التي تضايق بها دعاة التحضر والتنوير في بلادنا العربية والإسلامية، ومنذ فترة
طويلة [عبادة الصيام]، والتي توهموا أنها تقف دون العمل والإنتاج، وتقف بذلك بين
بلادنا وبين أن تتطور مثلما تطور العالم الغربي الذي يعتبر عندهم نموذج الحضارة
المثالية.
ولم يقف ذلك
الموقف المتضايق من الصيام المفكرون والباحثون من حملة الأقلام فقط، بل انضم إليهم
السياسيون أيضا.. وكان من أبرزهم الرئيس التونسيّ السابق [الحبيب بورقيبة]، الذي دعا
العمالَ إلى الإفطار في رمضان لزيادة الإنتاج، وقدم خطبة طويلة في ذلك.
وقد ذكر في
مصادر إخبارية كثيرة أنه طلب من العلامة الفقيه [محمد الطاهر بن عاشور] أن يفتي في
الإذاعة بما يوافق ذلك، وذكرت أن الجمهور التونسي ترقّب تلك الفتوى من خلال البثّ
الإذاعيّ، لكن الشيخ أخلف ظن رئيسه، وراح يقرأ قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، ثمّ قال بعدها: (صدق الله،
وكذب بورقيبة)، ثم أفتى بحرمة الإفطار بحسب الفتوى التي اعتمدها الرئيس التونسي.
لست أدري مدى
دقة هذه المعلومة، والتي وجدتها في مصادر كثيرة جدا، ولكن مهما يكن شأنها؛ فإنها
تدل على أن العلماء المحققين من أمثال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ـ مع علمه
باللغة العربية، ومقاصد الشريعة ـ لم يفهم من آيات الصيام إلا ما يفهمه كل مؤمن
عادي بسيط.
نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 212