نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 200
إلى المسار
الذي يريدونه عبر استعمال خدع وحيل كثيرة.
ومن تلك الحيل
إخراج الصلاة من مفهوم العبادة الواردة في القرآن الكريم، والذي اعتبره الله تعالى
غاية الغايات عندما قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا
لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56]
فشحرور والكثير
من التنويريين يفسرون هذه الآية تفسيرا ماديا دنيويا بحتا، حيث يقصرون العبادة على
تلك التعاليم التي اتفقت الأديان عليها[1]، والتي وردت في آخر سورة الأنعام، والتي
تشمل: بر الوالدين.. والقسط في
اليتيم.. والوفاء بالعهد.. وعدم الاقتراب من الفواحش.. وعدم قتل النفس.. وعدم الغش
بالمواصفات.. وغيرها من القيم الأخلاقية التي لا يجادل أحد في أهميتها.
ولكنه لا يمكن
أيضا أن يجادل في أهمية الصلاة، واعتبارها غاية في حد ذاتها، لا مجرد وسيلة.. لكن
شحرور الذي يفسر القرآن الكريم بمزاجه، يأخذ ببعض الكتاب ليضرب بعضه، فيأخذ قوله
تعالى: { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا
عَلَى الْخَاشِعِينَ } [البقرة: 45]، ليصور أن الصلاة مجرد أداة للاستعانة بها على
تحقيق تلك العبادات أو القيم الأخلاقية غافلا عن أن المقصود بذاته وبالأصالة، يمكن
استعماله وسيلة لغيره، وهو لا يعني كونه غير مقصود بالأصالة.
وخطورة هذا
الطرح، الذي هو اعتبار الصلاة مجرد وسيلة يوقعنا في ذلك الانحلال من الشريعة الذي
وقع فيه بعض الصوفية عندما تصوروا أن الغاية هي الوصول إلى الله، فإذا وصل المرء
إلى الله لم يعد مطالبا بتطبيق الشريعة وتكالفيها،
[1] انظر مقالا
بعنوان: الإسلام عند د. شحرور، الشيخ حسن بن فرحان المالكي..
نام کتاب : التنويريون والصراع مع المقدسات نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 200